شارك الخطيب الحسيني الشيخ رائد الستري يوم السابع من شهر المحرم الحرام لعام 1442 هـ في المجلس الحسيني بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و تحت عنوان " نظم الأمن الإجتماعي في الإسلام " ، ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة الحجرات " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) " ، نتحدث حول نظم الأمن الإجتماعي في الدين الإسلامي وضروية بقائها حية لا سيما عند الأزمات ، أولًا : أهمية النظم الاجتماعية و دورها في خلق الأمن الإجتماعي ، ثانيًا : تعداد تلك النظم الإسلامية ، ثالثًا : ابو الفضل العباس وكيف جسّد كثيرًا من النظم الإجتماعية أبرزها الأخوة الحقيقية في كل صفاتها و حيثياتها .
أولًا : النظم الإجتماعية هي المبادئ و الخطوط التي تحدد طبيعة العلاقة بين أفراد المجتمع ، فهم يعيشون في علاقات اجتماعية متعددة ، و هذه العلاقات تخضع لعاداتٍ و قيم ، وموضوعنا عن القيم الإسلامية التي تحكم تلك العلاقة الإجتماعية ، هذه النظم من شأنها أن تخلق الأمن الإجتماعي ، والأمن الإجتماعي و هي حالة الإستقرار و الطمأنينة لدى الإنسان ، الإنسان في حياته الدنيا محتاج الى جملة من الأمور ، أمورٌ مادية ترتبط بمعيشته و أمورًا نفسية ، هو محتاج للعاطفة والحنان و لصديق و أخ حقيقي و أب يحنو عليه و ابن وحاجات نفسية أخرى .
اذا توافرت هذه الأسباب عند الإنسان فانه يعيش حالة من الأمن و الإستقرار و الهدوء ، و توفر هذه الامور سبب لأمنه و طمأنينته . قال رسول الله (ص) :" من أصبح وأمسى وعنده ثلاث فقد تمت عليه النعمة في الدنيا: من أصبح وأمسى معافا في بدنه آمنا في سربه ، عنده قوت يومه فإن كانت عنده الرابعة فقد تمت عليه النعمة في الدنيا والآخرة وهو الاسلام. " ، واليوم هذا المرض قطع العلاقات ، و بعضنا تأثر في لقمة عيشه و انقطع رزقه ، ونسأل الله أن نخرج من هذه الأزمة في عافية ، لتتوفر الطمأنينة و الهدوء .
ثانيًا : جعل الإسلام النظم الإجتماعية تسير في مسارين أساسيين ، المسار الأول هو مسار البعث و التثقيف وخلق القناعة بالنظم الإسلامية ، أي المسار النظري و الروائي و القرآني ، نجد الكثير من الروايات التي تدعو الى ضرورة تفعيل و تنشيط البعث للحياة الدائمة لأسس ونظم الأمن الإجتماعي ، فنجد في القرآن الكريم ، من سورة الحجرات " انما المؤمنون أخوة " فهذه الآية تختصر لنا مسافات كبيرة في تحديد علاقتنا مع المؤمنين ، حيث أنها تبني على القرب و تؤسس للأخوة الإيمانية ، سواءً كان هذا المؤمن في أقصى الأرض أو أدناها ، ولو اختلفوا في اللهجة و الجنسية يجب أن تذوب كل تلك الاختلافات .
من سورة آل عمران " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) " ، عن الصادق عليه السلام: نحن حبل الله الذي قال فيه (واعتصموا بحبل الله ) نجد الإسلام وصى بالجار ، و نجد نصوصًا عن أهل البيت تشير الى ضرورة الوحدة ، عنه ( ص ) " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد " . هذه المنظومة تشكل منظومة باعثة للاقتناع .
هناك منظومة في المسار العملي ، مثل التكافل الإجتماعي من خلال منظومة من التبرّعات و بعضها واجب ، من سورة التوبة " ۞ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) " وأحد الصدقات هو الزكاة ، و الأضاحي وغيرها من أسباب للتكافل ، يجب أن نتحسس حالات بعضنا البعض فلا نكن غافلين عن أخواننا المؤمنين ، وتفقد أحوالهم ونتلمّس حالات الفقراء . البعض لا يحتاج الى مال ولكن يحتاج الى كلمة هنا وهناك تحسسه بالأمن في المجتمع ، بالإضافة الى أن نتعايش مع بعضنا البعض من خلال التسامح ونبذ الكراهية والحسد ، وأن من حق المؤمن اذا استعذره أخوه المؤمن أن يعذره .
ثالثًا : العباس ( ع ) جسّد الاخوة الحقة مع الإمام الحسين ( ع ) ، وكان رباط الأخوة رباطٌ معزز ، و ارتبط بالامام ارتباطًا ولائيًا عقديًا وكان ينظر للحسين ( ع ) على أنه إمامٌ و سيّدٌ ، فلم يفترق عنه ( ع ) ، و أراد الشمر أن يفرّق بين العباس و بين الحسين ، تذكر الرواية أنه جاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين عليه السلام فقال: أين بنو أختنا؟ فخرج إليه العباس وجعفر وعثمان بنو علي بن أبي طالب ( ع ) فقالوا: ما تريد ؟ فقال: أنتم يا بني أختي آمنون، فقالوا له : لعنك الله ولعن أمانك ، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له؟! " ، وقد ورد الكثير من الفضائل على بسان أهل البيت ( ع ) " كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة، صلب الايمان: جاهد مع أبي عبد الله (ع) وأبلى بلاءا حسنا ومضى شهيدا. " و عنهم ( ع ) " رحم الله العباس فلقد آثر وأبلى ، وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه " .
التعليقات (0)