شارك الخطيب الحسيني السيد عدنان الكراني في ليلة السابع من شهر المحرم الحرام لعام 1442 هـ بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و تحت عنوان " وحدة الهدف والعامل " ، وابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة الرعد " وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)" ، تريد الآية اثبات هدف ينصب على بيان أمرين ، الأول : العوامل وان كانت واحدة ، لكن ليس بالضرورة ان تكون نتاجاتها موحدة ، أي أن تلك العوامل ليست العلة الضرورة لتلك النتاجات وانما العلة الأساسية هي الله تعالى ، كرجوع الإنسان للطبيب في وجود جميع العوامل لكن لا تحصل النتائج المرجوة الا بمشيئة الله تعالى . الثاني : القرآن الكريم من خلال الأمثلة التي يسوقها للناس هي أن الناس متحدين في الخلقة ولكن يختلفون في صفات أخرى متعددة .
الآية تبين أن الله قد نوّع الأرض ، لأنها هي الوسيلة الأولى لعملية الانتاج الأساسية ، و قد حصلت على جانب كبير من الإهتمام في التشريعات الاسلامية ، من سورة طه " ۞ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ (55) " بهذا الاعتبار أصبحت الأرض عزيزة عند الإنسان بصورة كبيرة ، و خروج المضطر من بلاده لهو شبيه بخروج الروح من الجسم ، هذا التنوع في الأراضي لهو كفيل بمساعدة الانسان في عملية الناتج و الاستفادة منها بشكل أكبر ، فتختلف النباتات في مختلف الأراضي ، و هذا التنوع له مدلول على تنوع الإنسان كتنوع النبات . نجد أعراقًا مختلفة و أشكالًا مختلفة من جنس لآخر مع أن الأصل واحد ، الكافر و المسلم ، الغني و الفقير ، العالم و الجاهل ، لا يستطيع أحد ان يطلق على هؤلاء الا لفظ البشر .
الآية الكريمة تتدرج " وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ " و فسر العلماء الحكمة في أن تقتصر الآية على ذكر هذه المأكولات فقط دون أخرى ، هل يراد التمثيل أم الحصر ؟ ولكن قسم آخر ذهب الى التغليب ، وهذا الأمر يندرج على بيان أمرين ، أولًا : الآية عندما ذكرت العنب و النخيل من باب التمثيل و ليس الحصر والدليل على ذلك أن الزرع يطلق على كل نبات يخرج من الأرض مهما تنوع واختلف ، و ثانيًا الآية تريد اعمال اختلاف العامل و الهدف كما بيننا بدايةً فالأرض وان كانت متنوعة في جزء واحد و لكن هذا التراب يُخرج أنواعًا مختلفة و متعددة ، وهذا رد على من يؤمنون بنظرية دارون وهو نصراني من الموحدين ولا يؤمن بالثالوث ووصل الى أن الإنسان تكيف مع الطبيعة و هي نظرية التطور وهي مرفوضة عقلًا و شرعًا وقد رد عليها علماؤنا .
نرجع الى التفسير بالمأثور في اللغة العربية و استعمالها في المقصود بالصنوان وهو أن الشجرتان تخرجان من أصل واحد يتفرع منه فروع متعددة ، المراد من الآية كما ذكره العلامة التوبلاني في تفسير البرهان بالمأثور الروائي ، ينقل الرواية ابن شهرآشوب و أبو إسحاق الثعلبي في كتابه الكشف و البيان ، و الفضل بن شاذان في الأمالي : باسناده عن جابر بن عبدالله ، قال سمعت رسول الله ( ص ) يقول لعلي ( ع ) " الناس من شجر شتى ، و انا وأنت من شجرة واحدة " ثم قرأ " جَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ " ، أيضًا مثل المصدر نقله العامة من قبل الحاكم و ابن مردويه بمثل النص .
التعليقات (0)