شارك الخطيب الحسيني الشيخ رائد الستري يوم السادس من شهر المحرم الحرام لعام 1442 هـ في المجلس الحسيني بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و تحت عنوان " الميديا و التلاعب بالأفكار ودور المنبر الحسيني " ، ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة البقرة " وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (42) " ، نتحدث عن التلاعب بالأفكار ، وما قد يعبر عنه بالتضليل الفكري ، ودور الإعلام في ذلك ودور الوعي الحسيني في مكافحة و مجابهة ذلك ، و في هذا الموضوع اولًا : دور الإعلام و الميديا المتصاعد في هذا الزمان ، ثانيًا : المراد بالتلاعب بالأفكار و التضليل الفكري مع ذكر وسائله و طرقه الأساسية ، ثالثًا : ضرورة الوعي الديني الإسلامي .
أولًا : دور الإعلام في هذا الزمان و دور وسائل التواصل الإجتماعي ومنصات البث من انستغرام و سناب چات و غير ذلك ، لا شك في ان تلك الوسائل تصاعد استخدامها و أصبحت تشكيل الميول لدى المجتمع ، و أصبح لها تأثيرًا بالغًا ينافس الوسائل التقليدية بل ويتغلب عليها ، الوسائل القديمة اعتمدت على النشرات ، ثم الجرائد ثم القنوات الأرضية ثم الفضائية ، الى أن ظهرت وسائل التواصل الإجتماعي لتنافس كل ذلك و تضرب كل تلك الوسائل ، ويكون لها نوعًا من التسيّد في التأثير على المشهد العام ، فنلاحظ اغلاقًا لبعض الصحف و بعض القنوات ، وذلك يرجع الى اختلاف ادارة الإعلام في هذه الفترة ، و هنا تكمن الأهمية للوعي بما يعرف بالتلاعب بالأفكار .
ثانيًا : التلاعب بالأفكار عبارة عن ممارسة نوع من الإيهام وخلط في الأوراق لتعطي وتقدم صورة مزيفة ولكن هذه الصورة تبدو لأي مشاهد أنها تحتوي على الدليل و البرهان و أنها مشهد واقعي صحيح ، و التلاعب بالأفكار ليست وليدة اللحظة بل حتى في القدم ، مورست و لكن الآن ممارسة و اسعة و لدى شريحة عظمى ، وسوف تنصدم بحجم الكذب و الافتراء لبعض المشاهد التي اُضيف عليها كمٌّ كبير من الزيف و الخداع بغرض التضليل الفكري وتعليب العقل و عملية التفكير بتعليبٍ جاهز .
من الوسائل للتلاعب الفكري ، اولًا : التزيين و الإلباس ، و قد ذكرها القرآن في الآية التي تقدّمنا بها في بداية المجلس وهو نوع من الباس الباطل بلباس الحق وهو موجود عندنا في وسائل التواصل الإجتماعي ، و مذهبنا مستهدف من قنوات و ما شابه ، ثانيًا : الكذب و تكرار الكذب اعتمادًا على طريقة أن تكذب ثم تكذب حتى يصدقك الناس و التواطئ على الكذب ، حتى نجد أن بعض الأخبار يتناقلها الجميع كنوع من الضغط على طريقة التفكير والتلاعب في الذهن ، ثالثًا : اضافة الألقاب و الأسماء التي تعطي بريقًا في العناوين ، و هي كلمة حق يُراد بها باطل ، فيضيف لك جملة من الألفاظ التي توحي ايجابية الشيء ، أحيانًا يوجد سفه في المجتمع و نوعٌ من البساطة لدى الناس و يلعب ذلك في عقولهم فنحتاج أن ندرك أننا أمام آلة اعلامية تتحكم في عقولنا وتصنع ميولنا وتبدّل قناعاتنا وتغير من اهتماماتنا .
الحياة تتقوم بمهام أساسية رئيسية في المجتمع و نحتاج أن نعي كيفية التعامل مع هذا الواقع المفروض علينا ، ونحتاج الى الذكاء في التعامل مع وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة و قوام ذلك الذكاء هو التشكيك الدائم ، كن مشككًا في الأخبار و المشاهد التي تراها فقد تكون واقعًا مزيفًا و هذا ينسجم مع تعاليم الدين ، من سورة الحجرات " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12) " لا تتعجل في ترتيب الأثر ، عندما نشيع تلك الأمور نكون مصداقًا لقوله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) " ، يجب أن نكون بحال من الوعي التام لمثل هذه الممارسات ، حيث أن من أشد ما أضرّ بثورة الإمام الحسين عليه السلام هي الإشاعة و التزييف بالجيش الجرّار القادم من الشام و الذي ثبّط المجتمع الكوفي و الجوائز التي لم ينل بعضهم منها شيء .
التعليقات (0)