شارك هذا الموضوع

السيد عدنان الكراني في ليلة الخامس من شهر محرم الحرام لعام 1442هــ

شارك الخطيب الحسيني السيد عدنان الكراني في ليلة الخامس من شهر المحرم الحرام لعام 1442 هـ ، و تحت عنوان " إحياء الفكر الديني في الإسلام " ، ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة الأنفال " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) " الدين الاسلامي حيّ في تعاليمه و تشريعاته ولم يمت ، وذلك ما أيده القرآن في الآية الكريمة من سورة الحجر " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) " بمعنى أن الدين الذي اتصف وتميّز بالخلود ، تميّز عن غيره من المعتقدات و النظريات العلمية ، لكن نجد في طرف آخر دعوات صادرة من أهل البيت ، تحث الناس على الإحياء ، الإمام الصادق " أحيوا أمرنا ، رحم الله من أحيى أمرنا " و الإمام علي ( ع ) في نهج البلاغة " إنه ليس على الإمام إلّا ما حمل من أمر ربه الإبلاغ في الموعظة، والاجتهاد في النصيحة، والإحياء للسنة، " تأتي العبارات على احياء السنة و اماتة البدعة و احياء أوامر أهل البيت ، هل الدين ميت ليحتاج لاحياء ؟ فمال المقصود باحياء الدين و أمر أهل البيت ؟


المقصود ليس احيائه بمعنى أنه ميت و شعائره ميتة ، انما هو احياء التفكير بشأن الدين و ازالة الخرفات و البدع و الخلافات التي اتصفت مع مرور الزمن بصبغة دينية ، و قد عانى الإسلام هذا الأمر اِبّان الفتوحات الاسلامية ، حيث أنها ركزت على توسيع الرقعة الجغرافية على مستوى و مصلحة التثبيت القرآني في نفوس الناس ، و حتى تم الاستشكال على الإمام علي (ع ) في فترة خلافته ، أنه لم يقم بأي فتوحات و السبب أنه كان يثبت الدين في داخله ، الفتوحات الاسلامية جاءت عن مستوى التوسعة الجغرافية ولم تأت عن طريق سليم و طريق واضح فيعمدون على ادخال عادات و ثقافات كانت عندهم قبل الإسلام و لم يبتعدوا عنها بعد دخولهم الإسلام و مع مرور الزمن صُبغت بصبغة دينية ، واعتقد الغرب بأن هذه من الإسلام .


قد تطرأ فكرة اعتراضية " اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُم " ، الدين هو عامل احياء للناس و البشرية فكيف يقوم الإنسان باحياء شيء هو عامل احياء له ؟ و نرد على ذلك بأنه لا يوجد تعارض ، فالإنسان عن طريق ممارستها وتطبيقها انما يقوم باحياءها و بالتالي تعمل على ايقاظ روحه و نفسه و فكره و اخراج الطاقات الكامنة داخله ، فمثلًا نجد أن الإنسان عبر مر التاريخ يبتكر الأساليب لانتاج المزيد من اصناف الغذاء و تطويره من الفساد ، و بعد محافظته عليه سيحافظ الطعام على بقاء الإنسان ،


محمد اقبال لاهوري عالم باكستناني ، عاش في المجتمعات الغربية و عاصره معاصرة ميدانية ، الّف كتابًا لأكثر من خمسين سنة يتناول مسألة الإحياء الديني في الإسلام ، يقول " ان أبرز ظاهرة في التاريخ الحديث السرعة العظيمة التي يتحرك فيها العالم الإسلامي روحيًا صوب الغرب " البعض يرى في الغرب نموذجًا للمجتمع الإسلامي و لكنه من دون مسلمين ، ذلك للاحتذاء بهم وتطبيق ذلك المجتمع بكل حذافيره لوصوله لمستوى عالي تقني و علمي ، لكنها نظرة خاطئة فالاولى أن يرجع الاسلام الى أهله و ينطلق منهم الى الغرب ، يجب أن يكون المجتمع الاسلامي هو النموذج الذي يُحتذي به الغرب وليس عكس ذلك .


يجب أن نعمل على تصحيح وضع أولادنا من استعمال للهواتف في السن الصغيرة و تدمير عقولهم و عدم امكانيتهم من تدبير شؤونهم المجتمعية بعد ذلك ، بالإضافة أنه من الحسن تعليمهم لغات أخرى لكن ليس على حساب لغته الأم ، حتى صار عند البعض من المحرج التحدث خارج قريته بلهجته ، ويضيف اقبال " هذه الحركة ليست باطلة أو خاطئة لان الحضارة الأوروبية في الجانب العقلي تعتبر مرحلة متطورة لأهم مراحل الثقافة الإسلامية " ، و يضيف اقبال " خوفنا من أن الظاهر الباهر للحضارة الغربية يصدنا عن الحركة و يشلنا عن الوصول الى الماهية الواقعبة لهذه الحاضرة " .


المجتمع الغربي يتعامل مع العالم تعاملًا ماديًا ، حيث أنه وُجد بالصدفة ، تفسير العالم من الناحية المادية تفسير أعمى فنرجع للتفسير الصحيح من القرآن في سورة المؤمنون " أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) " ، يجب أن نعمل على تفسير العالم تفسيرًا روحيًا ، ينطلق من المنظومة الإسلامية التي تمتلك امور تنفيذية تدخل الى أعماق البشرية . اقبال يرى ان الإسلام موجود ٌ في حياتنا من جانب ما و غير موجودًا من جوانب أخرى ، فوجود التطبيق الفقهي مهم ( كرفع صوت الأذان ) لكن التطبيق العملي ( كالذهاب الى المسجد و تأثير الصلاة على روح الإنسان ) هو الأهم وهو ما ينقص المجتمعات الاسلامية . يجب أن يسلم المؤمن دينه و دنياه لرسول الله و أهل بيته ( ع )

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع