شارك هذا الموضوع

مجلس النعي ليلة العشرين من شهر رمضان لعام 1440 هـ

" الإمام علي ( ع ) : بنّاء الحضارة العالمية " ، عنوان المجلس الرمضاني في الليلة العشرين من شهر رمضان لعام 1440 هـ ، حيث واصل سماحة السيد ميثم المحافظة سلسلة محاضرته بحسينية الحاج أحمد بن خميس بآية من سورة الرعد " وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)" ، لو أخذ هذا العالم بعلوم علي لبنى من فكره حضارةً من أرقى الحضارات ، لكن للأسف البعض وضع حاجزًا بينه و بين علي و هو من المسلمين ، و لعلّهم أكثر من خسر .

مصادر العظمة لهذه الشخصية أولًا هو اتباع علي بن أبي طالب الى رسول الله ( ص ) كاتباع الفصيل اثر أمه ، هذا الإتباع في كل منهج و فكر و علم ، صاغ منه شخصية فذة ، حيث يقول " ولقد كنت اتبعه اتباع الفصيل أثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ، ويأمرني بالاقتداء به " ، وقد كان يجاوره بغار حراء ، و قد انحصر الإسلام في فترة بين النبي و الإمام علي وخديجة فقط ، حيث يقول ( ع ) " أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة. ولقد سمعت رنة (رنة) الشيطان حين نزل الوحي عليه (صلى الله عليه وآله)، فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنة؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته، إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى، إلا أنك لست بنبي، ولكنك لوزير، وإنك لعلى خير. " . ثانيًا النبي كان أستاذه و كان هو التلميذ لرسول الله ( ص ) ، عنه ( ص ) " أنا مدينة العلم و علي بابها " ، وعنه ( ع ) " لقد علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألف باب يفتح كل باب ألف باب "

المصدر الثالث لما سُئل الإمام الصادق عن سرعة الإمام علي ، فأجابه انه الإلهام و السمع و ربما جميعهما ، و انه وحي كوحي ام موسى ، المعصوم يؤيد بروح القدس ، و يسدد الإمام ، وهذا من مصادر العلم ، أمير المؤمنين وضع مفاتيح للعلوم كلها ولا يسع المجال لذكرها جميعًا ، من أصعب العلوم علم الكلام و علم التوحيد ، جال فيه الفلاسفة و علماء الكلام و الحكمة ، ومنهم من أشرك ومن ألحد لأنه علم حسّاس ، و أنه يمس الذات الالهية ، ينبغي الحذر - كل الحذر - من تناول هذا العلم ، ولكن الإمام أوجز ذلك في كلمات بسيطة حيث يجول في صفاته ، " أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ ، وَ كَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ ، وَ كَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ ، وَ كَمَالُ تَوْحِيدِهِ الْإِخْلَاصُ لَهُ ، وَ كَمَالُ الْإِخْلَاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ ، لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَيْرُ الْمَوْصُوفِ ، وَ شَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ " هذه بلاغة وفصاحة أمير المؤمنين ، كل حضارة تنبني على حضارة سابقة فتعتمد على الروايات و القصص و القضايا و السرديات التي نقلها التاريخ ، لكنك اذا اردت أن تبني حضارة صحيحة ، لابد أن يكون تراثك سليمًا .

العلماء و الفقهاء و المراجع وضعوا علم الرواية و السند و الدراية ، فيأتي بالحديث و الرواية لدين مُحكم ، حيث في زمن النبي كانوا يدرسون الروايات وكثرة الكذّابة ، كيف نتعامل مع التراث ، يقول أمير المؤمنين أنه يأتيك من الأحاديث أربعة حديث منافق ، و حديث سمعه الراوي من رسول الله و لم يسمعه لوجهه أي أضاف شيء و حرفه عن مؤداه ، و حديث قد أمر به ثم نهى عنه فلم يُعلم به ، وراوي لم يكذب على النبي ( ص ) يرعى الرواية رعاية ، و يحفظها حفظًا و يعلم بناسخها ومنسوخها و عامها وخاصها و مطلقها و مقيدها . هذه آليات لأخذ التراث الصحيح ضمن ما أشار له ( ع ) ، أول من أسس علم النحو هو أبو الأسود الدؤلي وقد أخذ علم النحو منه ( ع ) ، ينبغي النظر و عدم اهمال هذه الشخصية الكبرى .

أول من شهد العظمة لعلي في علمه هو القرآن الكريم " وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ " ، و النبي ( ص ) كان يشهد له ولطالما كان يقرر " من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى يحيى بن زكريا في زهده ، وإلى موسى بن عمران في بطشه ؛ فلينظر إلى علي بن أبي طالب " استجمع صفات الأنبياء ، وهو وارث العلم و المنهج و الخلق ، و جسّد صفات الأنبياء و استجمع العلوم في قلبه ، أهل البيت يشهدون له بذلك ، حيث جاء حمران بن أعين الشيباني للإمام الباقر عليه السلام وسأله عن سرعة اجابة علي ، حيث رد عليه ( ع ) " إن عليا كان بمنزلة صاحب سليمان وصاحب موسى ولم يكن نبيا ولا رسولا " ، حتى الخلفاء شهدوا له بريادته في العلم و حل عويص المشكلات ، كانوا يأتون لعلي بن أبي طالب في القضاء حتى قال الأول " ما من معضلة الا ولها أبو الحسن " ، و قال الثاني " لولا علي ... " و قال الثالث " لا يفتين أحدكم و علي في المجلس " ، فلاسفة العالم شهدوا له بذلك ، السيد الخوئي يقول يكفي أن يشهد علي أن هذا القرآن وحيٌ من الله ، ليس أحد أعظم من علي في الفصاحة و البلاغة فتكفي شهادته بالقرآن أنه وحي من الله .

لم ينقل التاريخ أن ذهب علي بن أبي طالب لأي أحد في حل مسألة أو قضية ، احتياج الكل اليه و استغناءه عن الكل ، وقد مرّ عليه الخلفاء و الناس ، هذه كثير من الشهادات في مقامه ، علي بن أبي طالب رجل حضارة ، الشواهد التي أبداها ( ع ) ، فمن غيره صعد المنبر و قال " سَلوني قبل أن تفقدوني، فإنّي بطرق السماء أدرى منّي بطرق الأرض " و يقول " والله لو ثنيت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وأهل القرآن بقرآنهم، " ، ويشهد الغرب بنهج البلاغة فيقول أحدهم ، نهج البلاغة كلما قرأته أردت قراءته مرة أخرى ، الامم المتحدة و المصادر الخارجية لربما اهتمت به أكثر من اهتمام من ينتمي للدين و يعرفه لكنه يغض البصر عنه للأسف ، حيث قننت قوانين من عهود أمير المؤمنين لمالك الأشتر في حقوق الإنسان ، رسالة الدكتور عيسى الوداعي بجامعة البحرين كانت في التماسك النصي ، و يقول الدكتور بجامعة البحرين ما وجدنا تعريفا واضحًا لهذا العنوان و وجدنا بستانًا خصبًا لهذا الموضوع في نهج البلاغة ، حتى وضعنا تعريفًا دقيقًا له .


التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع