شارك هذا الموضوع

الصفا ليلة التاسع من شهر رمضان لعام 1440 هـ

" ولدي المراهق أتعبني " عنوان المجلس الرمضاني ليلة التاسع من شهر رمضان لعام 1440 هـ ، عن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) يخاطب ولده الحسن ( عليه السلام ) " بني ، وجدتك بعضي ، بل وجدتك كلي ، فكأن الذي أصابك أصابني " ، أمير المؤمنين ومن خلال هذا المقطع المبارك يشير الى مساحة العلاقة بين الأبويين و أبنائهم ، علاقة البنت بأمها و أبيها و علاقة الولد بأمه و أبيه ليست علاقة قشرية سطحية ، بل يشير عليه السلام الى مساحة العلاقة و عمقها الى درجة انه يترقى ، الذرية و الأبناء يمثلون الإمتداد الطبيعي لكل انسان ، وقد شاءت ارادة الله أن يُحمّل الأبوين تكليف رباني تجاه أبنائهم الا وهي وظيفة التربية . من حق الأبناء على أبنائهم ان يربونهم بما شرع الله ، و يعلموهم ، لأنهم ودائع عند الآباء ، انت لا تملك ولدك ، بل الولد نعمة من عند الله ، سنتكلم حول موضوع تربوي ، الا وهو تربية الأبناء في مرحلة المراهقة ، هذه المرحلة الحساسة الحرجة ، التي يشتكي منها الآباء و الأمهات ، تبدأ مراحل الإنسان بالطفولة ثم المراهقة ثم الشباب ثم الكهولة لتنتهي بمرحبة الشيخوخة ، مسيرة يمر بها كل انسان ، مساحة الإنحرافات و الفساد تقلق في هذه الطبقة و يشغل البال ، في المرحلة الإعدادية و المشرفين و الأساتذة الأفاضل في المدارس يدركون حجم الخطورة التي يتعرّض بها أبناءنا في هذه المرحلة ، و قد أصبحت التربية أصعب بكثير في ظل انفتاح التكنلوجيا ، من قنوات ووسائل التواصل الإجتماعية ، كلها تختطف عقول أبنائنا ، وعندئذ تكون التربية أصعب ،

عنه ( ص ) "الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنّة" الحديث حول التربية لهدف كبير و صغير ، الهدف الأصغر ان الولد يمثل الإمتداد الوجودي لانا الأب و الأم ، كل ما يوصف به ولدي ، يُحمل عليّ ، و لذلك أسعى لإيجاد ذرية صالحة ، بينما الهدف الكبير الذي ينبغي ان ينطلق منه الآباء و المربون ، أنك تنتظر ظهورًا مرتقبًا للمولى ، الإنتظار مشروع كبير ، أن تعدّ انصارًا مخلصن ، عينك على الدولة المرتقبة ، فهذا هدف ضخم و كبير ، و الاجر بقدر نيتك و مقصدك ، على اعتبار أن مرحلة الطفولة أسهل نسبيا من مرحلة المراهقة ، لأنها مرحلة المخاض ، اما ان تولد لنا ولدّا فاضلًا و اما أن تولد لنا جيل من اتبع الشهوات ، من سورة مريم " فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا " القواعد التربوية للتعاطي مع أبنائنا ، القاعدة الأولى ، كوّن الوعي الشخصي ، أنتَ كأب ، أنتِ كأم ، البناء الواعي للمربي ، يجب ان تتكسب الوعي الكافي لتلك المرحلة ، ولكل مرحلة خصائص . التربية فيها جانب فطري و جانب إكتسابي ، وكل فطري لا يحتاج الى تعلم لانه مودع في الإنسان ، غاية الأمر أن يتفجّر في أوانه ، و جانب اكتسابي ، ادارة أمور التربية و فن التعامل مع الأبناء ، وقيادة الأبناء الى الأهداف النبيلة العالية ليس أمرًا فطريًا ، اما أن يربي أولاده بنمط ما ربّي به ، أو أن يتعلّم ، وهذا هو المطلوب للتعاطي مع الأبناء ، أنا لست بالفطرة أتملك خبرة كافية للتعامل مع أبنائي ، فلهذا نؤكد على ضرورة الحضور للدورات التربوية التي تعينهم . التربية في نصوص أهل البيت فعل وليس ردة فعل ، المبادرة تقتضي أن يكون الأبوان من السابقين في ترسيخ المناعة السلوكية و العقدية مما يضمن الاستقامة ، التربية ليست تصحيح للإنحراف ، مرحلة المراهقة تحتاج الى حالة من الإنقتاح ، و تكسير الحواجز بين الآباء و الأبناء ، يجب ان يكون الأب قادرًا على الترشيد باستعمال لغة مناسبة ،

القاعدة الثانية ان تتعرّف على خصائص مرحلة المراهقة ، يجب أن نُغير المفهوم السلبي للمراهقة ، المراهق قارب الوصول الى النضج و الشباب ، لا يجب أن نتعامل معها على أنها مرحلة الجهل و الشهوانية ، و أن ننظر اليها بنحوٍ من الإيجابية ، علينا أن نتقبل هذه المرحلة و ان نعرف خصائص المرحلة حتى تكون ردات الفعل تنسجم مع هذه المرحلة ، حدية المزاج لدى المراهق أمر طبيعي ، قد يحب بعنف و قد يبغض بعنف ، فانه سريع التقلّب ، حيث يعرف عنها العلماء بالمرحلة الصلصالية ، خيث لا زال لم يتشكل بعد ، لا زالت هناك تغيرات هرمونية و عاطفية ، وهذه من مُقتضى المرحلة ، الولد والبنت يمرّون برحلة مخاض ، مخاض لحظة ولادة ، الى ان تتبلور شخصيته . تعرّف على أركان تربية المراهق . على ضوء الدراسات التي قام بها علماء النفس و التربية ، هناك أربعة امور يجب أن تتوفر ، أولًا بناء الثقة بين الوالدين و المراهق و تمثل 10% ، ثانيًا التركيز على الإيجابيات وتمثّل 10% ، ثالثًا تحويل السلبيات الى ايجابيات تمثل 10% ، رابعًا بناء العلاقة بين الأبوين و المراهق يمثل 70% ، قد تكون الثقة من غير وجود علاقة ، حيث لا يراهم بطبيعة عمله او بطبيعة عمل الأم . بناء الثقة ، الثقة اذا تزلزلت بين الام و الأب و أولاده ، يكون خللاً تربويًا فادحًا ، التركيز على الإيجابيات ، فكل انسان له ايجابيات و له سلبيات ، " قل ما تريد و لا تقل ما لا تريد " لا تستعمل النفي ، مثلًا " لا تسهر " " لا تتهاون بالصلاة " ، استعمل بدلًا عنها العبارات " نم مبكرًا " " حافظ على صلواتك " ، اعطه نسيحة موجهة لا تزيد عن 30 ثانية ، لأنه لا يصبر على المواعظ و المحاضرات ، ولتكن موجهة ومحددة ، حوّل السلبيات الى إيجابيات ، فالولد المشاكس قل عنه حركيًا و قياديًا ، اقلب السلبية واجعلها ايجابية ، لا ترسّخ و لا تتعاطى مع السلبيات فتصبح ملكة ، بناء العلاقة الذي يكاد أن يكون ضعيفًا عندنا ، الاوقات التي نقضيها مع الأبناء يجب ان تكون كافية ، هنا نكون حققنا أركان التربية الفاضلة

ضوابط التعامل مع الولد المراهق امر مهم و حساس ، اولًا حافظ على خصوصيات ولدك المراهق ، مرحلة المراهقة يميل الولد و البنت للحفاظ على الخصوصيات و لا يريدون احد أن يطلع على ذلك ، لا تستعمل التجسس على ولدك ابدًا ، شارطه لحظة شراءك للهاتف ، و قل له بانك سوف تتابعه ، أو ان تتفق معه حيث يكون لديك الرقم السري ، و اعطه رقمك السري ، حتى لا يصدق عليه عنوان التجسس لأن الهدف هو الإطمئنان و لا يحصل اختراق لخصوصياتهم ، الأمر الآخر المراهق سريع الإنفعال ، شاء أو لم يشأ ، طبقة خطابه ترتفع ، أنت في نظرك أنه أساء الأدب ، بينما هو يعيش الإضطراب ، لا تُغلق باب ( الغضب ) عليه ، لا تُضيّق عليه ، الأمر الآخر ان لا تنتقد ولدك علنًا ، وحتى نحن لا نُقبل ، من وجّهت له نصيحة أمام الناس يتأذى ، حافظ على شخصية المنصوح باسلوب راقي ، استعمل النصيحة الخاصة بينك و بين ولدك . ركّز على المُنتِج و لا تركز على النتيجة ، حتى في المجالات المهنية ، يضغط المدير على الموظفين ، فهمّه الإنتاج و الأرباح و ليس المُنتِج وهذا أسوأ الأساليب ، لا يُمكن همّك النتائج سواء في عالم النتائج الأكاديمية ، الى درجة ان طفولته تضيع ولا يُدرك شيئًا . راع الولد أخلاقيًا و عاطفيًا ، اغدق عليه بالعاطفة والحنان ، و سترى النتيجة ، عزز الرقابة الروحية ، أن تعيش القلق على اولادك و السبب هو الفساد و الظلال ، اسس للرقابة الذاتية بالإرتباط الروحي " ، من وصايا لقمان " وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ " ، " يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ " لُقمان يريد أن يؤسس للرقابة الإلهية و أن نؤسس لحضور الله .

كيف نعاقب الأب المراهق ، علميًا لا يُنصح باستعمال اسلوب المراهق لأنه متقلب نفسية ، فلا تتعاطى مع هذا الأسلوب ما استطعت ، الشارع يرى بأن للأب ولاية فقط دون الام - الا اذا أعطاها الأب الصلاحية - في ضرب الصبي وهذه الولاية تتقلص بمجرد بلوغ الولد ، شرعًا من اجل تقويم الصبي يضرب ثلاثًا تأديبيًا و ان لا تضرب و انت مُنفعل ، والا وجبت الدية عند الإحمرار أو الإسوداد ، هذا الحق يرتفع من الأب أساسًا ، فلا يحق لغيره ، تعامل معه كما تتعامل مع سائر المسلمين ، تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر بمرحلة البلوغ ، هناك الوسائل الجيدة ، من الوسائل الوعد و الوعيد ، يجب ان نراعي كل هذه الأمور و الحديث واسع ، المربي يلعب دورًا في صياغة و هوية ولده او بناته

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع