شارك هذا الموضوع

الصفا ليلة الثامن من شهر رمضان لعام 1440 هـ

" المجتمع و الإرهاب الفكري " عنوان المجلس الرمضاني ليلة الثامن من شهر رمضان لعام 1440 هـ ، من سورة الأعراف : " قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ " ، النص القرآني في هذه الآية يحدثنا عن صورة من صور الإرهاب الذي مارسه فرعون الشقي مع بني اسرائيل ، نجد كيف ان فرعون كان من المفسدين ، من سورة القصص " إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ " مارس فرعون صورة من صور السياسات الدنيئة ، أسس للطائفة المقيتة بين الأقباط و بني اسرائيل ، حيث كان بني اسرائل يعيشون فيه رفاه ، عندما رأى فرعون الرؤيا و أخبروه بأن غلام يولد و يزول فرعون تحت يده ، أمر بقتل كل غلام يولد ، فرفع الأقباط و منع بني اسرائيل و حاربهم ، و أمر الأقباط أن يقتلوا أولاد بني اسرائيل .

كانت لفرعون سياسات في غاية الدناءة ، من ضمن سياسة فرعون الإرهابية هي سياسة الإرهاب الفكري وهو صلب بحثنا هذه الليلة ، الإرهاب الفكري و مصادرة حريات الناس و آرائهم و أفكارهم ، من أخطر أنواع الإرهاب ، على اعتبار ان هذا النوع هو القاعدة الأساس للإرهاب الميداني و العملي من قتل و سلب ، فيؤسس أرضية خصبة ، داعش و النصرة والتيارات الإرهابية على سبيل المثال ، قبل أن تنزل ميدانيًا في الذبح و الحرق ، هناك أبواق تسبقها في وسائل الإعلام ، فيُلبس الشيعي ثوب الكفر و يستحل دمه ، الإرهاب الفكري ايدلوجية قائمة على أساس مصادرة آراء الآخرين وان لا قيمة للآراء ، الإرهابي فكريًا هو من يصادر آراء الآخرين ويفرض رأيه ، و قد يمارس بين الأب و اولاده ، و بين الزوج و زوجته و بين الأفراد و المجتمع ، وقد حذر منه الشارع ، العنصرية هي تفضيل عرق على عرق ، قوم على قوم ، و يلازمه ارهاب فكري .

نحن في زمن الجمعيات و القوانين الدولية ، الأمم المتحدة تؤسس قواعد و شروط و مواثيق ، واحدة من حقوق الإنسان هي حرية الرأي و التعبير ، هذا حق ثابت منذ 1945 أقر هذا الحق في المملكة المتحدة ، و لا يجوز أن يُصادر شخص رأي شخص ، علينا أن نعرف خطورة مصادرة آراء الآخرين ، الأنا التي يُبتلى بها الناس ، فأنا صحيح و ما عداي باطل ، جعل من نفسه الميزان ، هذه الإزدواجية تلزم منها حالة من الإرهاب ، أي ترويع و إخافة و ظلم الى غير ذلك ، و لأجل ذلك فإن الإرهاب الفكري يمثل خطورة لأسباب عديدة ، الأول هو مصادرة عقول الناس ، رأيي فقط يُفرض و لا رأي لك ، و هل قيمة الإنسان الا بعقله ! ، بالعقل توجد التغيير و الأمم و الحضارة ، عندما تعطل الإبداعات ، ستكون كما كانت الكنيسة في العصور الوسطى ، حيث صادرت الآراء و أحرقت وقتلت العلماء و أسست نظرية على ان العلم والدين لا يجتمعان ، وهذا مفهوم خاطئ ، ان كان له اساس فهو الكنيسة ، الاسلام يؤكد على ان الدين و العلم ينسجمان تمام الإنسجام ، الأمر الآخر النتاجات العلمية تُمثل حقوق شخصية ، ومصادرة آراء الناس تمثل تكريس للتبعية و الإنقياد و الهيمنة على الناس ، معنى أنك تفكر بتفكيري ، حيث كان فرعون يقول " ما أريكم الا ما أرى " ، علينا أن نتنكر لكل حركة ارهابية .

حرية الرأي و ان اعطيت مساحة ، يجب أن نعرف كيف نتعاطى معها ، فحرية الرأي دون افراط ومن دون تفريط ، فليس تحت عنوان حرية الرأي ، أن يُطالب ما يصطدم مع الثوابت والأسس الإنسانية تحت ظل حرية التعبير و الإنسان وان أعطي مساحته ، هناك مظاهر للإرهاب الفكري ، عندما يُؤسس الإرهاب الفكري في المجتمع فالنتائج المترتبة على ذلك هي انتشار الفساد في الأرض ، وينتشر القتل ، حيث يتحول الإرهاب النظري الى إرهاب ميداني ، مثل هذه الأفكار التي من ضوئها يُقتل الناس ليست فقط في زمن الخوارج ، قبل 7 سنوات قتل الشيخ حست الشحاتة ، حيث كان سنيًا و استبصر لاسيما ان له خطابات رنانة ، فجريمته كانت ليست سوى العقيدة ، الأثر الثاني ، صار العلماء و المفكرون و أصحاب العقول في بوتقة الخطر و حيّز الإستهداف ، لأن الارهاب الفكري يُجند رأيًا و يجرد باقي الأفكار . الأثر الأخير هو تجيير عقول الناس ، هذا العقل الحر ، الذي قد تسجن انسانا زمنا طويلا و لكنك لن تسطيع سجن عقله ، العقل حر ، و ان سجنت الأبدان ، العقل حر في تفكيره و لكن للأسف اذا مورس الإرهاب لكبح جماح عقول الناس على فكر واحد و ثقافة واحدة و مبدا واحد ، فيؤسس الى ما يعبر عنه في علم الإجتماع بالعقل الجمعي ، حيث ينطلق المجتمع برمته الى فكر و رأي واحد ، وهذا عين ما أسس له الامويّون ، حيث أسسوا لسب علي بن أبي طالب عليه السلام .




التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع