بسم اللّه الرحمن الرحيم
(يا أيّها الذين امنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) التحريم / 6
أمي! أبي!
عندي مشكلة
مصّ الأصابع وقضم الأظافر!
لا شك أن وجود الأطفال في حياتنا يضفي عليها جوّاً من الحيوية والمتعة والفرح ولكن مهمة تربيتهم مهمة شاقة وخطيرة في الوقت ذاته وهي كما قال الإمام الخميني(قده)(المرأة كالقران كلاهما أوكل إليه صنع الرجال).
فصنع رجال المستقبل يستدعي فهماً ووعياً لنصنع الرجال الصالحين الناضجين لذا قد تنشأ مع الأطفال عادات وسلوكيات تبدأ معهم منذ الصغر لتشكل حجر عثرة أمام مستقبلهم ونموهم الرجولي في الكبر.
مص الأصابع:
مصّ الأصابع عادة بل تكاد تكون عرفاً شائعاً عند الأطفال ما بين السنة والثلاث سنوات وقد تكون بدايتها من الأشهر الأولى للطفل.
وفيما قد تختفي وتنتهي بعد هذا السن نراها تستمر الى عمر الخمس سنوات عند بعض الأطفال أو تأخذ منحىً اخر أشد تعقيداً عند بعضهم الاخر وهي عادة قضم الأظافر.
والملاحظة الجديرة بالاهتمام أن أطفال الأرياف لا يعانون من هذه الظاهرة ويعزو بعضهم السبب الى وجود الطفل الدائم الى جانب أمه فهذا أشد التصاقاً بها، فيما يقول اخرون بأنه حصول الطفل على حقه الكامل من الرضاعة الطبيعية من أمّه فيحصل بالتالي على دفء وحنان الأمومة الكافيين له.
وقد تكون هذه الحالة مص الإصبع تعويضاً عن الرضاعة خاصة إذا تم فطامه قبل الوقت اللازم حق الرضاعة الشرعي سنتان هجريتان بنص القران الكريم، فيلجأ إليها بعد الفطام، عند كل موقف إحتياطي أو أزمة نفسية، أو عندما يترك وحيداً لتكون الإشباع البديل له.
فيما قد تكون شعوراً بالمتعة والراحة والاسترخاء تارة أخرى.
أسباب المصّ:
1 - القلق وذلك عندنا يكون الطفل في جوّ مشحون بالانفعالات أو بين أفراد عصابيين.
2 - التغذية غير الكافية والتي تنجم عن تباعد أوقات وجبات الطعام.
3 - سوء معاملة الأهل عند الأكبر سناً كالنقد المستمر له، أو القسوة المفرطة أو الضرب وغير ذلك.
4 - ضعف القدرة على التحصيل عند التلميذ في السنوات الأولى فيما إذا تعرّض للإهمال أو النبذ والاتهام بالغباء.
5 - وقد تنجم عند بعضهم، عن الأمراض الجسدية ضيق التنفس، والتهاب اللوزتين، وسوء الهضم، واضطرابات الغدد..
هذه الأسباب قد تجعل من الطفل إنعزالياً وخجولاً وغير قادر على مواجهة المشكلات والتعويض عنها بعادة مص الأصابع.
أضرار مص الأصابع:
من أضرار مص الأصابع إذا ما استمر طويلاً:
1 - نتوء الأسنان الى الخارج وعدم إطباقها بشكل صحيح.
2 - عدم ظهور الأسنان الدائمة (بعد التبديل) فيما إذا استمرت الى ما بعد السنوات السبع.
3 - تكوين وترسيخ المعنى العدواني للعض عند الطفل.
4 - العزلة والانقطاع عن العالم الخارجي، وعدم الانتباه والتركيز في الأمور اليومية.
طرق الوقاية والعلاج:
1 - توفير الأمان والجوّ المريح في المنزل وإزالة مظاهر القلق والاضطراب التي يتعرض لها الطفل.
2 - التجاهل: وذلك بعدم إظهار الاهتمام الزائد بهذه الحالة، لأن النهي المستمر والتهديد والوعيد قد يقوي مشاعر الكراهية عنده وتدفعه الى العناد والمقاومة.
3 - الإرشاد: توجيهه للتخلص منها شيئاً فشيئاً حتى لا يسبب الضغط ظهور مشكلة أخرى. فترك العادة لا يعني التخلص منها إذا لم تقضِ على الأسباب لأنه سيلجأ الى إشباع اخر قد يكون أشد ضرراً وأكثر وقعاً على نفسه.
وهذا يتم بإشغال يديه بنشاطات هادفة وبنّاءة على أن نوفّر له الألعاب المتنوعة التي تُبقي يديه مشغولتين.
4 - استخدام مصاصة كاذبة (بلاستيكية) في الفترة الأولى، وهي وإن كانت سيئّة إلا أنها أقل ضرراً وأسهل في المنع فيما بعد.
5 - إطالة فترة إرضاع الطفل من الأم بالدرجة الأولى خصوصاً إذا كان يلجأ الى المص بعد الرضاعة مباشرة، وعدم الاستعجال في إنهاء وقت إطعامه ثم تأخير فطامه أيضاً.
6 - الثواب والعقاب وذلك بإظهار المدح أو بإعطائه مكافأة ملموسة كلما شاهد الأهل الإصبع جافاً، بأن نضع له نجمة وكل عدد من النجمات مكافأة.
أما العقاب فهو حرمانه من بعض الأمور التي يُحبها (لن أقرأ لك قصة اليوم، لن تشاهد التلفاز لفترة معينة) إذا شوهد يمص إصبعه.
7 - التوجيه: وهذا مع الأطفال الكبار الذين يعون هذه العادة وذلك بذكر سلبياتها ومضارها.
8 - الإيحاء: بأن نساعدهم على التخلص منها عند النوم مثلاً لأنها أكثر حصولاً، وذلك بالهدهدة وذكر بعض الأمور التي توحي لهم بالابتعاد عنها، أثناءها،الان أصبحتُ كبيراً، وسأذهب الى المدرسة وأكون مثل الكبار ولن أمص إصبعي، سأتصرّف مثل الكبار، أنت ذكي جدا.
9 - العناية الصحية: وذلك بالانتباه فيما إذا كان يعاني من مشاكل صحية ثم العمل على إزالتها.
قضم الأظافر
إن عادة قضم الأظافر سيئة جداً ومزعجة المنظر للطفل وللأهل معاً. وهذه قد تنشأ من خلال مص الإصبع إذا لم يستطع الطفل التخلص منها، وقد تبدأ في عمر متأخر عند بعض الأطفال من عمر ثماني سنوات.
وهذه العادة المزعجة والسيئة هي أكثر صعوبة في المعالجة لأنها الأكثر رسوخاً وبالتالي أقل قابلية للتغيير.
أسبابها:
هناك أسباب جسمية ووراثية كالإصابة بالديدان، وتضخم اللوزتين أو الزوائد الأنفية واضطرابات الغدد. بالإضافة الى الحالة الوراثية من الوالدين مثلاً.
وهنا أسباب نفسية:
1 - الشعور بالبؤس الناشىء عن عجز الطفل من الوصول الى الهدف أو المستوى الذي يسعى إليه خصوصاً إذا أدى ذلك لحرمانه من مميزات معينة.
2 - وجوده في مكان لا يحبه فيشعر فيه بالشقاء وعدم الاستقرار. ذلك المكان المملوء بالمعوقات أمام تحقيق حاجاته الحرية، اللعب، الحركة.
3 - وقد تظهر هذه العادة في حالات التعب الشديد، أو الإهمال والحرمان وهذا قد ينتج عن الغيرة من طفل اخر عندما يولد طفل جديد في العائلة وهذا من أكثر الأسباب بروزاً.
4 - ضعف التوافق النفسي والاجتماعي عندما يحاول الطفل أن يعاقب نفسه من خلال والديه الشعور بالسّخط على الوالدين.
5 - وأخيراً قد تكون دليلاً على فشل الأهل في عملية التنشئة.
سبل الوقاية والعلاج:
قد تشترك سبل الوقاية وعلاج قضم الأظافر مع ما مر من علاج الأصابع ولكنها قد تتميز عنها في بعض الجوانب الأخرى خصوصاً أنها أكثر بروزاً عند الكبار.
1 - المحافظة على عدم إبقاء الأظافر بارزة وطويلة.
2 - جعل الطفل يمارس نشاطات عضلية بشكل متواصل.
3 - استخدام بطاقات يدون فيها الطفل عدد المرات التي يقضم فيها أظافره ثم يحاول التقليل منها.
4 - المكافات: بأن يتابع الأهل هذا السجل أعلاه مع ولدهم ومكافأته إذا ما لاحظوا تدنياً كبيراً في القضم كاصطحابه في نزهة، مشاهدة التلفاز.
5 - العقوبات: وهي سحب المكافات التي سبق الوعد أو العمل بها.
6 - التدريب على زيادة الوعي، وذلك بأن يحاول ذلك أمام المراة دون أن يقضم ليعرف قبح فعله ثم يردّد بصوت مسموع: لن أفعل ذلك بعد اليوم.
7 - تعليم الاستجابة المنافسة: وذلك بالقيام بحركات عضلية مد الذراعين، وضم قبضة اليد وتكرار ذلك حتى يشعر بالتعب، استعمال السُّبحة المسبحة.
8 - تعليم الطفل الاسترخاء: بما أن القضم ناتج غالباً عن القلق والتوتر والاضطراب فلا بد من محاولة التحكم بهذه والامور وذلك عبر:
أ - الاسترخاء العضلي التام.
ب - المزاوجة بين الاسترخاء العضلي والكلمة الدالة عليه إهدأ، وتكرارها مع تمارين الاسترخاء العضلي.
وفي الختام لا بد من الإشارة الى أمرين:
أ - عدم إظهار الاهتمام الزائد من قبل الأهل بهذه الحالة، وعدم المبالغة في المنع عنها لأنها ستؤدي الى ازديادها أو الانتقال الى مشكلة أخرى.
ب - تخليص الطفل من أسباب القلق والتوتر والاضطراب والشعور بالذنب وهذا من أهم العلاجات وأنفعها على الإطلاق.
التعليقات (0)