شارك هذا الموضوع

الستري ليلة السادس و العشرين من شهر رمضان لعام 1439 هـ

تابع سماحة الشيخ رائد الستري سلسلة محاضراته الرمضانية و ذلك لليلة السادسة والعشرين من شهر رمضان لعام 1439 ، و تحت عنوان " العقيدة المهدوية وارتباطها بالهدف الالهي " و قد بدأ سماحته بالآية الخامسة من سورة القصص " وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ " ، أولاً سنتحدث عن موقعية الهدف ، وماذا يعني الهدف الإلهي ، وبماذا يعبّر عن الهدف الإلهي ، الهدف الالهي يرتبط بسبب خلق هذا الكون ، و ارتباط الهدف الإلهي بالعقيدة المهدوية . وهذا بحث عقائدي .الهدف الإلهي يعني العلة الغائية وراء الخلق ، فإن لكل فعل صادر من الحكيم ، علة غائيةً وهدفًا من وراء الفعل ، وهذا الهدف هو الذي أنتج الفعل وولده ، بل ويبقى الفعل موجودًا ما دام الهدف موجود ، و هذا ما يعبّر عنه بدوران المعلول مدار علّته الغائية حدوثًا وبقاءً ، العلة الغائية لا تحتاجها فقط في الإيجادو الخلق ، بل نحتاجها أيضًا في إبقاء الفعل ، العلة الغائية اذا ذهبت كان هذا مبررًا للإفناء ، العلة الغائية من الخلق " وإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ " .

الله لا حاجة له في عمار الأرض و نحو ذلك فهي أهداف جانبية ، الهدف الأسمى هو الإستخلاص و جعل الخليفة في هذه الأرض ، وهنا الملائكة استفهمت ، الملائكة تعلم بأن الخليفة هو آدم ، وعلمت بأن نسل آدم سيفسدون و يسفكون الدماء ، الملائكة لما نظرت الى طبيعة الخلق المترتبة من البعدي الجسدي و الروحي لآدم ، هناك نوع من التنافس و التزاحم و التضاد ، نوع من الطغيان الذي سيحدث و حصول الإفساد في الأرض ، الملائكة استفهمت ، الخليفة يجب أن يكون أفضل شخص يمثل الله ، والله فعل نوعًا من الإختبار . الملائكة لما استفهمت لم تستفهم استفهامًا اعتراضيًا مثل ابليس ، " قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ " ، " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " ، ابراهيم مؤمن و يريد أن يتدرّج في مراتب القناعة و اليقين ، فلليقين مراتب كلما تغلغل زادت القناعة في نفسك ، يبقى في النفس أحيانًا نوع من التجاذب ، القناعة تختلف في المستويات وترتقي ، تنتقل من يقين الى يقين أكثر الى يقين أرقى ، من علم اليقين الى عين اليقين الى حق اليقين .

اليقين اذا على في النفس أحدث ردعًا أقوى ، و إيمانًا أرقى ، وقناعةً أكبر ، ولذلك ابراهيم أراد أن يطوي مراحلًا من الكمال ، و استجاب له الله في ذلك ، عن علي عليه السلام " لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا " ، أراد الله أن يعطي قناعة اضافية الى الملائكة فعلم آدم الأسماء كلها ، وعرضها على الملائكة ، هذه التجربة و الدليل التي جعلت الملائكة تزداد يقينًا ، فما هي تلك الأسماء ، بعض المفسرين يرون بأنها أسماء المخلوقات من حيوان و نبات ، وهذا مردود عليه حيث جهل الملائكة لذلك أمرٌ مُستبعد ، التفسير الآخر بأنها أسماء تلك الأنوار ، فالله أول ما خلق ، خلق خلقًا واصطفاه وفضّله على كل الخلق ، فخلقه بالخلق النوري ، فجعلهم أنوارًا محدقين بسرادقات عرش الله ، وكانت الملائكة تطوف بعرش الله وكانت الأنوار معلقة وكانت الملائكة على يقين بان هذه الانوار هي أفضل خلق الله اطلاقًا ولكن لم تكن تعلم أسماؤهم فكانت تصفهم بالنور الأول و الأوسط و الآخر ، فعلّم الله آدم ، بأن تلك الأنوار ستكون من الخلق البشر و سيكون من أصلاب آدم الى أن يستودعهم رحمًا طاهرة ، وهم محمد و فاطمة و علي و الحسن والحسين و الأئمة وصولًا الى قائم آل محمّد .

استيقنت الملائكة باختيار الله ، أي ازدادوا يقينًا ، فالهدف الإلهي الأسمى هو استخلاف هؤلاء ، فالإستخلاف الحقيقي هو الإستخلاف للأنبياء و الرسل و الأئمة ، " وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ " ، من سورة الأنبياء " وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ " ، من سورة فاطر " ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ " ، هناك وراثة للأرض لم تحصل للآن ، الدولة العالمية التي تحدّث عنها الله وهي وراثة كل الأرض لم تحصل الآن ، وهي ضرورة الهية لابدّ أن تحصل وقد جائت هذه الضرورة على لسان الروايات ، عن علي عليه السلام " لاَ تَخلُو الأَرضُ مِن قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ، إِمَّا ظَاهِراً مَشهُوراً، وَ إَمَّا خَائِفاً مَغمُوراً " ، بعض الروايات تقول بأن الله لو يرفع الحجة لساخت الأرض بما عليها و تتعرض لنوع من الإزالة ، فهذه موقعية الحجة المنتظر (عج) من الهدف الإلهي وهو ركن أساسي في هدف السماء و لا يمكن أن يتبدّل .

ظهور الإيمان من القضاء المبرم الحتمي ، الذي لا يعتري الى المحو ، كمثل بعثة النبي محمد ، وانما الوقت هو الذي يتعرض الى المحو و الإثبات ، الإمام الحجة لديه وظيفة يقوم بها في غيبته مثل الوظائف الكونية - لا تحصر الإمام في وظائف إفتائية - ، هناك وظائف كونية وعرض الأعمال و واسطة الفيض و غيرها ، لماذا لا يظهر الإمام ليس نقصًا في القيادة ، انما هو ضعف فينا نحن أو غيرنا ، نحن سبب في التأخير ، الظروف الدولية يجب أن تتهيأ لظهوره ، لكي لا يُصنع بالإمام كما صنع بجدّه الحسين عليه السلام . المخطط الإلهي مكتوب ولكت قد يحصل التأجيل و الإثبات . ما تعرض له الإمام الحسين من الخذلان أجّل الظهور .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع