شارك هذا الموضوع

الستري ليلة التاسع عشر من شهر رمضان لعام 1439 هـ

تابع سماحة الشيخ رائد الستري سلسلة محاضراته الرمضانية وذلك لليلة التاسعة عشر من شهر رمضان لعام 1439 هـ ، والتي توافق ليلة ضرب الملعون عبدالرحمن بن ملجم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، وتحت عنوان " تفعيل دور العقل للهداية و تجنب الغواية " ابتدأ سماحته بحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام " لا يُعرف الحق بالرجال ، اِعرف الحق تعرف أهله " ، نتحدث في ليالي أمير المؤمنين حول دور العقل في الهداية وتجنيب الناس و الإنسان الغواية . مقدمة نميّز فيها العقل الذي نريد التحدث عنه ، العقل ورد في الكثير من الروايات ، ما المقصود بالعقل ؟ و ما المقصود بالإنسان العاقل ؟ هل معناه بأنه المقابل مع الرجل المجنون ، كلا ؛ حيث إننا نجد العديد من العقلاء لا يتمتعون بالإستقامة ، فمن كان له عقل كان له دين ، ومن كان له دين دخل الجنة ، ما العقل الا ما يُصاب به الجنان و تُجتنب به النيران ، أهل البيت عليهم السلام يساوون العقل بالهدى و الدين ، في كثير من الروايات المقصود من العقل ، ليس العقل القادر على التفكير و فقط ، فإن الكثير من الناس يمتلكون ذلك العقل بهذا المستوى ولكن ، يراد من العقل و العاقل هو الإنسان الذي يمتلك تفعيلًا لدور العقل في حياته ، يمتلك نوع من الفاعلية لعقله في إدارة هذه النفس البشرية ،

خلق الله الإنسان من بُعدين أساسيين ، مادّي ومعنوي ، جسمي و روحي ، شهوة وعقل ، الإنسان بهذا التركيب نجد الجانب الذي يرتبط بالجسد يدعوه الى بعض الملذّات الفطرية ، مثل الحيوان في اندفاعه الى غرائزه وملذاته الشهوانية و الفطرية بالنسبة اليه ، والميل الفطري لتحقيقها ، الإنسان يتوافر على هذا القسم ، وهو الميل الفطري و الميل الى الملذات والشهوات ، و لكن بجوار هذه الملذات يوجد لديه عقل ، اذا فعل تفعيلًا صحيحًا فإن العقل يمسك بزمام النفس و يقودها الى الهداية ، اذا لم يكن كذلك ، فسيكون القائد هو اللذة و الشهوة ، متبعًا الى جانب الغواية ، و يخضع القلب الى تلبية شهواته و ملذاته ، فترى العقل خادمًا للشهوة و اللذة ، مهيئًا لكل أسباب المعصية و أسباب الملذات و الشهوات ، هنا نجد روايات تدلل على ضرورة تفعيل العقل عند الإنسان . نحتاج أن نفعل عقولنا ، ولكن كيف نفعله ؟ العقل له ثلاث مراتب من مراتب التفعيل ، أول تفعيل للعقل و هو الأبسط هو العقل المُدرك ، وهو العقل الذي يُدرك الأمور ، ولكن هذا العقل لم يتخلص من بعض الصفات السيئة التي تسبب له الوقوع في الأخطاء كالعجلة ، له مستوى من الإدراك البسيط لدى العقل ، ولكن بهذا المستوى وعدم تدرجه الى المستويات العليا ، يبتلى بالعجلة .

المستوى الثاني ، الإنسان يتحلى ببعض الصفات الجيدة التي توقف الغريزة و الغضب من أن يقوده كصفة التروّي و الهدوء ، وهو نوع من السكينة و الإستقرار النفسي وعدم الجري نحو الإستفزازات ، اذا كان مستوى ادارتك العقلية مستوىً بسيط لن تتحمل الإستفزازات التي قد تصدر من الزوجة مثلًا ، اذا كان له مستوى حكيم ، حيث ارتقى العقل و رقى الى ادارة حكيمة ويمتلك نوعًا من التريّث ، اذا كنت جالس قف أو واقفًا فاجلس ، غير من مكانك ، لكي لا تقع في فخ الإستفزاز النفسي وتقع في فخ النفس الغضبية فتقود عملك و خطواتك بدلًا من ادارة الموضوع بإدارة عقلية حكيبمة ، فنجد كمًّا من الروايات يوّيد التريث و أن نصل الى مستوى حكيم ، وبذلك يتمتع بقيادة نفسية ، وتتقلص مساحات الغواية ، لابدّ من التمسك بالإيمان ، المؤمن يتسلّح بسلاح الإيمان ليقوي عقله ويجعل من عقله عقلًا حكيمًا وهذه رتبة إضافية للعقل ، و هناك رتبة أرقى من ذلك ، وهي رتبة العقل الرشيد ، وهو العقل الذي يتمتع بالرشد ، العقل الراشد الذي لا ينظر فقط الى الأمور و تفاصيلها الحالية بل ينظر اليها في التفاصيل البعيدة ، ما هي النتائج و الأبعاد ، وقياس المصالح البعيدة ، تجده يزن الامور وزنًا بعيدًا .

الروايات تعزّز النظر البعيد في عقل الإنسان المؤمن في بُعد إيمانه بالله عز وجل ، لا تنظر الى هذه الدنيا بل انظر الى ما أعدّه الله لك في الأخرى ، لا تقس حياتك بهذه الحياة الفانية بل قسها بالحياة الباقية ، الإنسان المؤمن له بعد نظر ، كل ذلك تحفيزًا الى دور العقل الراشد ، و لذا بعض المؤمنين يسعون الى التكامل في أدوار عقولهم فيرقى عقله ، فاذا وصل الإنسان الى الرشد وصل الى الحصانة العقلية ، مفتاح من مفاتيح الحصانة للنفس وهي تفعيل العقل ، العقل يدفعه نحو الهداية ويجنبه الغواية و الإنحراف .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع