تابع سماحة الشيخ رائد الستري سلسلة محاضراته الرمضانية وذلك لليلة الثامنة عشر من شهر رمضان لعام 1439 هـ ، ابتدأ سماحته بحديث عن الرسول الأعظم " الولد سيد لسبع وعبد لسبع ووزير لسبع " ، نتابع حديث الأمس حول تربية الأبناء ، وسيكون بحثنا ضمن ثلاث نقاط ، النقطة الأولى بيان مفهوم التربية ، و أن أكون مسؤولًا تربويًا ، وهي تعني القيام بوظائفك تجاه ابنك ، وهي أن تمكن ابنك من كل الأسباب التي فيها صلاحه وتجنبه حميع الأسباب التي فيها فساده ، ولا يقتصر الصلاح على الصلاح الديني او الأكاديمي ، بل الصلاح في كل الجنبات ، مفهوم التربية مفهوم واسع ومسؤولية واسعة .
ثانيا للتمييز بين المفهوم التربوي و بعض المفاهيم الأخرى ومدى اتساع مفهوم التربية ، مثلًا وظيفة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، ان آمر ولدي والغريب بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، فهل هي مساوية لوظيفة التربية ؟ قوام الأمر بالمعروف و شرطه الأساسي أن يكون الطرف الآخر مكلفًا بفعل الواجب و ترك الحرام ، وهذا الطفل ليس مكلفًا فلا يجب عليك ان تآمره بالصلاة ، بعكس الكبير ، ولكن اذا قسنا المسألة كوجوب تربوي ، يجب ان تأمره ، كمسؤولية ووظيفة تربوية ، وأن تسبب الأسباب التي فيها صلاح ابنك .
يجب تعويده غلى الصلاة ليتعلمها ويواظب عليها ، اذا لم تعوده ، معنى ذلك أنك وقعت في النوع من التقصير التربوي ، وستسأل عنه في يوم القيامة ، هناك بعض المحرمات لا يرضى الإسلام بحصولها على الكبير و الصغير ، مثل السرقة ، أو بعض المحرمات ، البعض من الآباء يفهمون بأن مفهوم الحضانة موضوع سلطوي ، و في بعض الأحيان ، يمنع الأب أو الأم الطرف الآخر في متابعة أبنائه وتقديم النصح ، فيعتقد بأن له / لها المسؤولية التربوية ، اذا كانت الحضانة بيد الأب يظن بأنه المسؤول الأول و الأخير - لا أحد سواه - وليس لأمه حق ، واسقاط الطرف التربوي للطرف الآخر ، فالتربية أوسع من مفهوم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أوسع أيضًا عن مفهوم الحضانة.
مفهوم التربية واسع ، يشمل التربية الدينية كالواجبات و المحرمات و المستحبّات و الأخلاق و يشمل الجانب الأكاديمي ، من الواجب أن أعلّم ابني و أدرسه والمتابعة وتقديم كامل النصح ، الاحكام الوضعية تتفق مع الأحكام الشرعية ، هناك قوانين بالغرامة او بالحبس و التأديب للأب اذا ثبت تقصيره وعدم تقديم التوجيه و المتابعة لدى الابن حتى للجانب الدنيوي ، كما وموضع التربية يشمل الجنبة الإجتماعية ، يجب أن تكون محاضرات تثقيفية للأبناء المقبلين للزواج وتثقيفهم ، كيف نمارس دورنا التربوي ، فقد بينا الادوات بالأمس ، و اليوم هناك أدوات اخرى ، أولها التبدل في طريقة المعاملة مع الابن او البنت بمراعاة المراحل المختلفة التي يمرّ بها ، السبع السنوات الاولى يُطاع الولد فيما يطلب ، ويعيش مرحلة من الدلع و الإحترام الزائد ، ثم يعيش مرحلة أخرى حيث يكون الولد عبدًا لك حيث هي مرحلة النصح و التوجيه وتوريث العادات الحسنة وتجنيبه العادات السيئة ، اما المرحلة الثالثة يبدأ مرحلة يرى نفسه و يرى شخصيته ولها قوام و قرار ، ويتمتع بنوع من الثقة في نفسه وهي مرحلة المراهقة ، وتأتي لها بسياسة المصاحبة و أن تجعله وزيرًا - أي المستشار - و تعزز ثقته في نفسه .
ثالثا نبين صناعة القدوة ، و كيف أن المفاهيم و القدوات تبعثرت و القيم قد ضاعت في هذا الزمان ، القدوة تؤثر سلبًا أو ايجابًا على الولد أو البنت ، في مرحلة من المراحل يقلدك ، و في بعض الأحيان يبحث له عن قدوة أخرى ، ولذلك علماء النفس ينصحون بأن تتبع قدوة ابنائك ، ربما تبعثرت الامور و انفتح الفضاء ، فوسائل التواصل الإجتماعي وخصوصًا من النساء ، صرن متابعاتٍ الى - شخصيات مشهورة - يعرضن كل حياتهن ، و نرى بان حياتهنّ يعشن بذخًا ماديًا فيعشن الحلم و المستوى المادي الرفيع ، ومطلبهنّ الشهرة ، ولا توجد اهتمامات بالعباءة الزينبية و الحجاب ولا بالمأتم و المسجد ، بل ينصب الإهتمام باللباس و أصحاب العلامات التجارية و المكياج ، وترى المصرف المالي يزيد ، لان قداوتهن أصبحت امثال هؤلاء ، نحتاج الى اعادة اتجاه في البوصلة الى الإتجاه الصحيح و ممارسة دور التأثير على البنات ، وتنبيههم بخطأ الإقتداء بمثل هذه الشخصيات و مبدأ الإختلاف في الحياة . يجب أن ننمي جانب العادة و الإقتداء بأهل البيت عليهم السلام كمثل زينب و أم كلثوم و أم البنين .
التعليقات (0)