شارك هذا الموضوع

الستري ليلة السادس عشر من شهر رمضان لعام 1439 هـ

ابتدأ سماحة الشيخ رائد الستري سلسلة محاضراته الرمضانية و ذلك لليلة السادسة عشر من شهر رمضان لعام 1439 ، وتحت عنوان في رحاب الإمام الحسن (ع) و التعدد ، ابتدأ سماحته بالآية " وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ " ، موضوع نقدم فيه معالجة وافية ، وهذا الموضوع حول تعدد الزوجات ، الإمام الحسن ( ع ) قد واجه جملة من الاشاعات تعمد الطرف الآخر في اشاعتها عليه ، وترتكز هذه الإشاعات على محولات لهدم الثقة بالإمام المجتبى ، وارتكزت بعض الإشاعات على ان الإمام الحسن ( ع ) مزواج و مطلاق ، وقد افتري على الإمام أمير المؤمنين زورًا ، عن الإمام الحسن " لا تزوجوا ولدي الحسن فانه مطلاق و مزواج " لنعالج موضوع التعدد ، لنرسم مفهومًا واضحًا اسلاميًا .

القسم الأول ، ذكر الدليل الذي يجيز التعدد ، ما يرتبط بموضوع التعدد ، الحكم الشرعي على جواز التعدد واضح كما ابتدأنا به في صدر المجلس ، فهذا دليل على جواز التعدد ، وكذلك السيرة المأثورة عن النبي قد تعدد في زواجه ، وهو خير دليل ، ولا يكاد يخلو امامٌ من التعدد ، وقد جرى النهج جيلًا بعد جيل ،وهو أمر مسلم بين جميع العلماء ، لكن وقع الخلاف في صفة هذا التعدد . القسم الثاني ، صفة الحكم بجواز التعدد ، الأحكام الإلهية تقع في مقام التشريع على وجوه ، تارة يكون حكمًا الزاميًا ، تارة يكون بالفعل وتارة بالترك ( الحرمة ) وتارة بالإستحباب أو بالكراهة ، وتارة يتعادل الطرفان وهذا ما يعرف بالإباحة ، صفة الحكم بالتعدد ، قال العلماء لا اشكال في أصل الزواج وهو مستحب وقد نهي عن التبتل وعن عنوان العزوبية و ترك الزواج ، حتى من لم يكن له اقبال على ذلك ، يستحب للشاب و الشابة الزواج وهو الرأي المشهور ، وقد يرتقي الحكم الى الوجوب في بعض الحالات ، اذا انحصرت عصمة النفس عن الحرام ، عن تهيج نفسي و الخيالات المفسدة وما نحو ذلك ، هذا الحكم يرتبط بأصل االزواج ، فاذا تزوج الإنسان فهل يسقط الإستحباب ؟ او يبقى له استحباب التزوّج بثانية وثالثة و رابعة ، هنا رأيان فقهيان ، الرأي الأول الفقهي يقول بأن الإستحباب لا يسقط بالأولى ، و الرأي الفقهي ثاني وهو رأي السيستاني بأن الحكم بالاستحباب بالزوجة الدائمة الأولى ، بعد ذلك لا يكون الفعل مستحبًا - في حد ذاته - انما يكون مباحًا ، بغض النظر أن الفقيه يبني على الاستحباب أو الإباحة ، فان الحكم غير الزامي ،

القسم الثالث ، بيان ركائز أساسية في تطبيق هذا الحكم ، اذا كان الحكم مباحًا أو مستحبًا ، جزءٌ من المسؤولية ملقاة علينا ، الإنسان ينظر الى ما هو الأولى و يُعمل عقله ، ويوازن بين الأمور ، وينظر الى الحيثيات و يقدم ما هو الأهم ، ويجتنب الى ما فيه فساد في حياته ، في موضوع الزواج هناك عنوانين حذر الاسلام من الوقوع فيها كالمزواجية ، و المذواقية ، وهذا معناته بأن الرجل لا يقف عند زوجة واحدة ، بل يعيش حالة من هوى الغالب ، يملأ عينه بالطمع و الجشع ، و يقتنع بان زوجته لا تفي و كذلك الأخرى ، يتزوج هنا و هناك و لا يقتنع ، و لعن رسول الله كل رجل مذواق و كل امرأة مذواقة ، " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً " ، يعني هناك هدف سامٍ للزواج الدائم يتمثل في الإستقرار و الطمأنينة ، ولم يثبت عند السيد السيستاني استحباب الزواج الثاني ، ولو افترضنا أنه مستحب ، اذا كنت تبحث عن المستحب فهناك أمور أخرى ، أحسن الى زوجتك و مشاعرها ونحو ذلك ، هنا مساحة لحكمة الرجل ، فيدير الموضوع على أساس ما هو الأفضل ، ندعو الى ادارة جيدة الى الحكم الشرعي ، أمّا اذا تعدّد الزواج ، هنا يجب مراعاة القيام بواجب التربية للبيتين ، و العدل ، والمبيت ، أصل التشريع منصف و وواضح ووضع جزءً من المسؤولية ملقاة علينا و لكن نحن من أساء التطبيق .

ما وقع من الإمام الحسن عليه السلام ، لم يقع على نحو المزاجية او المزواجية أو المطلاقية أو المذواقية ، بل كان التعدد من قبله لبعض المبررات و العلل ، كانت بعض القبائل تريد التشرف بالإنتساب اليه ، نوع من كسب العلاقات ، حيث كان المجتمع قبليًا ، كما كان الغالب في الرأي من زواجه بجعدة ، و يرجح البعض بأن زواجه قبل الإعتداء و المؤامرة التي وقعت على أمير المؤمنين ، للدخول في بعض التحالفات ، رسول الله تزوج من بعض النساء و عمرها تجاوز الخمسين وخيف عليها الرجوع الى المشركين ، فلعلّ جعدة كانت تظهر المودة لأهل البيت عليهم السلام حيث نحتمل أنها كانت في بدايتها مخلصة ولكن ما غلبها هو الإغراء بالمال و الزوج فأفسد ولائها .





التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع