شارك هذا الموضوع

الصفا ليلة الخامس عشر من شهر رمضان لعام 1439 هـ

اختتم سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية و ذلك لليلة الخامسة عشر من شهر رمضان لعام 1439 ، والتي تصادف ذكرى مولد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام وتحت عنوان آثار معرفة الإمام ، وقد بدأ سماحته بدعاء عن إمام الزمان عليه السلام في أواخر دعاء الندبة " وَاجْعَلْ صَلاتَنا بِهِ مَقبُولَةً، وَذُنُوبَنا بِهِ مَغْفُورَةً، وَدُعاءَنا بِهِ مُسْتَجاباً وَاجْعَلْ اَرْزاقَنا بِهِ مَبْسُوطَةً، وَهُمُومَنا بِهِ مَكْفِيَّةً، وَحَوآئِجَنا بِهِ مَقْضِيَّةً " ، ضع خطًا تحت المفردة اللغوية المتكررة وهي " به " الضمير الذي في محل جر ، وهو الإمام عجل الله فرجه ، تأمل هناك مجموعة من الآثار المترتبة التي تترتب على الاعتقاد بالولاية ، المقطع الشريف فيه اشارة واضحة الى آثار وجود الإمام المعصوم ، و هذا الدعاء و المقطع سيان يتحرك في كل زمان ومكان ، بعلي تقبل الصلوات ، لا خصوصية لنفس امام الزمان ، أي ان الإمامة بما هي امامة لها مدخلية على مستوى الاعتقاد من آثار متعددة ، الفقهية و الروحية و التكوينية و النفسية ، وكل ذلك في الدعاء ، الصلاة معيار قبولها صار الإعتقاد بالولاية و بالإمام ، تنقية القلوب و تطهيرها بوجود الإمام مدخلية في ذلك ، الدعاء الذي يمثل بعدًا روحيًا لا يستجاب الا بالولاية .سنأخذ أثرين من آثار وجود المعصوم .

الأثر الأول هو الأثر الفقهي ، هناك فرق بين قبول الصلاة وبين صحتها ، وهي اشارة الى أن من تعبّد او صلى من المذاهب الأخرى فان صلاته صحيحة على حسب مدرسته ، المقام مقام بيان شرائط القبول في العبادة ، متى تكون الصلاة صحيحة و متى تكون مقبولة ، ؟ المعيار و المناط اذا كانت متوافقة مع آراء الفقهاء في شرائطها و أجزائها فتكون صحيحة أما شرط قبولها فيدور مدار حضور القلب في الصلاة ، ويدور حول معرفة معاني العبادة ومعاني الصلاة ، الانسان الذي يصلي و لا يعرف معاني الركوع و السجود ، يعيش محرومًا من تذوّق حلاوة الصلاة ، كتاب الإمام الخميني رضوان الله عليه " آداب الصلاة " فيه نقلة روحية الى مضامين العبادة الروحية ، لابد من تحقيق الشرائط القلبية ، الإعتقاد بولاية أهل البيت عليهم السلام دخيلٌ اساسيّ في القبول ، عنهم عليهم السلام " أما لو أن رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله ، وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالة منه إليه ، ما كان له على الله حق في ثوابه ولا كان من أهل الايمان " ، علينا الالتفات الى مسألة خطورة الولاية و ضرورة التمسك بالمعصومين . في الدعاء الشعباني المشهور "المتقدِّمُ لهم مارقٌ ، والمتأخِّر عنهم زاهقٌ ، واللازمُ لهم لاحق " تعبير كنائي ، اشارة الى أن بعض المتدينين وصلوا الى الحق لكن ما استقرت أقدامهم عليه بل زاغت قلوبهم وزلت أقدامهم كالخوارج ، من مرق عن الإمام ضلّ الطريق ، الكثير من التأكيدات ، عن رسول الله " مثل اهل بيتى فيكم كمثل سفينه نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى " هناك أمر بالملازمة ، فالسعادة والنجاة و قبول الأعمال يدور مدار محمّد و آله ، اذن لازموا الكتاب و العترة ، وهي الولاية لأهل البيت عليهم السلام ،

قاعدة عامة شاملة لكل الناس الا من خرج بالدليل " كل ابن آدم خطاء و خير الخطائين التوابون " الإنسان ما لم يكن معصوما فهو في معرض الوقوع في الذنب ، الخروج من الذنوب ليس أمرًا سهلًا ، الوقاية خير من العلاج ، لا تتصور بأن من تورّط بالذنب سهل خروجه منه ، فأبناء يعقوب النبي حينما أرادوا قتل أخوهم يوسف قالوا سيتوبون ، وكذبوا على أبيهم على أمل أن يتوبوا ، ومرّت أربعون عامًا الى أن تابوا ، ابتعد عن الذنب ما استطعت ، ماذا يعني أن نقول "به " ؟ في زمننا هذا نقصد بصاحب العصر و الزمان ، المعصوم يمثل حلقة وصل مهمة ، ان اردت أن يطهر القلب و تغفر الذنوب فعليك بولاية محمد و آله ، الإرتباط بأولياء الله له أثر بالغ في النفوس و القلوب ، في هذه الليلة نعيش ذكرى ولادة امام معصوم ، ومن دونه لا يمكن أن تتحقق حالة النجاة ، عندما نعيش الليلة مع الإمام لنعبر عن ولايتنا ومحبتنا الخالصة لهم ، حياة الحسن الزكي في جميع منعطفاتها تمثل درسًا تعليميًا للإنسان ليكمل أخلاقه و دينه و مبادئه ، الإمام الحسن هو مظهر أخلاق علي و مظهر كماله ، وعلي مظهر كمال النبي ، ومحمد مظهر جمال الله في الأرض . الإمام الحسن يعلمنا طعم العبادة و ملذة الصلاة ،ولذة المثول بين يدي الله ، معرفة الله تبارك و تعالى هي سرّ الخشوع ، ومعرفة الله هي سر العشق لله ، وهي سر الخوف من الله ، كان الحسن (ع) اذا ذكر العرض على الله كان الإمام لا يطيق ، يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ، بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا ، يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ، فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ " من دعاء الصباح ، " مَنْ ذا يَعْرِفُ قَدْرَكَ فَلا يَخافُكَ، وَمَن ذا يَعْلَمُ ما اَنْتَ فَلا يَهابُكَ " ، الحالات انهما هي وليدة معرفة الله ، الإمام تفاني في الله و كانت عينه على الآخرة . كان الإمام عليه السلام يعتبر رمزًا في التواضع ، وتجلّى الحلم في تربيته و سلوكه ، الإنسان كلما تجلت عظمة الله في قلبه يزداد تواضعًا .

أسمى آيات التبريكات و التهاني لمقام النبوة و العصمة و لمقام ولي الله الأعظم صاحب العصر و الزمان و للأمة الاسلامية ولكم أيها الأحبة في ظل ذكرى ولادة الإمام الحسن الزكي ، سائلين المولى أن يتغشانا بألطاف الذكرى و بركاتها ، انه على كل شيء قدير ، تم تكريم سماحة الشيخ ابراهيم الصفا على مشاركته في النصف الأول من شهر رمضان لعام 1439 هـ ، و سيرتقي باذن الله منبر حسينية الحاج أحمد بن خميس سماحة الشيخ رائد الستري ابتداءً من ليلة الغد .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع