تابع سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية وذلك لليلة الحادية عشر من شهر رمضان لعام 1439 هـ ، و تحت عنوان : سبل اللقاء ( متى ترانا و نراك ) ، عن امامنا صاحب العصر و الزمان في دعاء الندبة : " هل اليك يابن احمد سبيل فتلقى " ، هذا الدعاء مؤكد على قراءته لعظمة مضامينه ، استدل ببعض مقاطعه الفقهاء بمقام الاستنباط الشرعي ، يكاد أن يكون متسالمًا عليه بين علماؤنا ، ومضامينه كلها ولائية ودينية عميقة ، بغض النظر عن الاشكالات في وقوع الوهن و الضعف في هذا الدعاء الا انه يعتبر من المتسالم عليه ، بحثنا يدور حول سبل اللقاء بالمعشوق الغائب ، لكن قبل ذلك ، نقف متؤملين في مضامين هذا المقطع ، فيه ثلاثة مضامين ينبغي أن نتأملها جيدا و نتعرفها على حقائقها المعرفية و العلمية ، المضمون الأول ، يدور حول امكانية اللقاء في الميزان بين الاستحالة و الامكان .
هل يُمكن أن يلتقي المؤمن لامام الزمان في ظل الموازين الشرعية ؟ ام دعوى الإمام ما هو الا باطل وغير صحيح ، اذا كان لقاء الإمام محالًا في ظل الغيبة الكبرى و أبواب اللقاء مغلقة ، فان هذا المقطع لا قيمة له . وهذا هو التمني المُحال ، لكن حينما نقف وقفة علمية في ظل غيبة الامام ، نجد أن العلماء يبينون نقطتين ، النقطة الأولى اذا كان اللقاء مفاده ادعاء الرائي و الملتقي مع الامام ان يدعي النيابة الخاصة عن الامام ، وهو باطل عند علماؤنا ، وان تسالمت كلمة الفقهاء ، الفقيه يملك نيابة عامة ، وهذه لكل من بلغ مقام الاجتهاد يُعطى اياها ، وذلك للنصوص الواردة عن امام الزمان ، هذه ولاية عامة لا خاصة ، ينبغي لابنائنا ان يتعرفوا على ان الموقف من كل قضية عقدية ، القول الفصل فيها هو الدليل و البرهان ، ولا تحتمل أن تتحرك العواطف فيها .
النقطة الأولى ، سالم العلماء القدماء في من ادعى النيابة الخاصة في ظل زمن الغيبة الكبرى فهو كافر و ضال ، وهو ليس الكفر الذي يقابل الاسلام ، بل الكفر الذي يقابل الايمان ، النقطة الثانية ، من أراد ان يدعي ان له نيابة خاصة من المعصوم فلابد ان يأتي بقول صريح من امام الزمان ، أو من النائب الذي قبله ، النقطة الثالثة نطالبه أن ياتي بمعجزة ، المعصوم يد الله في الأرض و يملك ولاية تكوينية ، احياء الموتى من وظائف الله ، لكن الله أعطى الولاية لعيسى ، وهي افاضات ربانية تعطى للمعصوم كولاية تشريعية ، قيمة هذا الانسان فرع قدرات المرسل ، الوكيل كالأصيل ، و الأصيل يملك الإعجاز ، لنضع قاعدة صريحة ، ان لا نبني عقيدتنا التي يجب ان تكون بالدليل القطعي على حلم ظني ، القضايا العقائدية لا يتسالم عليها الا بالدليل القطعي ، والذي يفيد العلم و الإطمئنان ، رؤى الأنبياء وحي ، اما رؤي المؤمنين قد تصيب و قد لا تصيب ، فهي أمرٌ ظنّي . اللقيا بمعنى النيابة الخاصة محال وغير معقول ، اما البحث عن سبل الوصول ، ذاا كان من باب رؤيا الامام ، فالإمام عندما التفت الى ةكيله الرابع قال : لقد وقعت الغيبة التامة " ، لا يوجد لقاء مع الإمام عليه اللسلام ، " وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ، فمن ادعى المشاهدة قبل الصيحة و قبل ظهور السفياني فهو كذاب مفترٍ " ، الصيحة أمر تكوينية في فضاء الكون يسمعه كل اناس بلغتهم ، حتى النائم ، لانها تعتبر من باب الحجج .
اذا وقف الامام بين الركن و المقام ، و قد أبانت الروايات السفياني معالم هويته و سياسته و أهدافه و الى أين يصبو و كيف سيرسل جيشه الى المدينة المنورة و يستبيحها ، السفياني هو أفسد خلق الله على الإطلاق ، وسيمثل التيار المعارض للإمام ، هناك ثلاث جبهات في ابان الظهور ، جبهتان في الشرق الاوسط و جبهة في الغرب ، في الشرق ، الإمام من مكة ، و اليماني من اليمن ، و الخراساني من ايران ، فيصطف الجميع في جيش واحد ، و يتجهون الى حيث مد السفيان مده الاستعماري و الافسادي الى العراق ، فسيطلع من الشام ويذهب للعراق ، عندها سيتحرك الى الكوفة ، وستعود جيوش السفياني بين فار و مهزوم فتفر مرة اخرى الى الشام ، وتقع حرب طاحنة فيبيدهم الإمام عجل الله تعالى له الفرج ، عندئذً يصل الامام الى القدس ، فينزل النبي عيسى ويصلي خلف الإمام في بيت المقدس ، ونزول عيسى اشارة الى انعطافة جديدة ، جيوش بني الأصفر وهي جيوش غربية التي تمد السفياني ، يرسل الامام المسيح كوساطة دبلوماسية ، فعامة الناس يخضعون الا ان الحكومات و السلطات و الجيوش تصر على مواقفها فتقع حرب ، فيسلط الله عليهم الرعب في قعر دارهم .
التعليقات (0)