وإليك بعض الأرقام عن الثورات التي أشعلها العلويون وغيرهم باختصار.
فأبو السرايا – السري بن منصور الشيباني – الذي كان يوماً من حزب المأمون خرج بالكوفة، وكان هو وأتباعه لا يلقون جيشاً إلاّ هزموه ولا يتوجهون إلى بلد إلاّ دخلوها.
ويقال: إنّه قد قتل من أصحاب السلطان، في حرب أبي السرايا فقط مائتا ألف رجل، مع أنّ مدّته من يوم خروجه إلى يوم ضربت عنقه لم تزد على العشرة أشهر وحتى البصرة معقل العثمانية قد أيدت العلويين ونصرتهم فقد خرج فيها (زيد النار) وهو أخو الإمام الرضا (عليه السلام) ومعه علي بن محمد، كما خرج منها من قبل على المنصور إبراهيم بن عبد الله.
وفي مكة ونواحي الحجاز: خرج محمد بن جعفر الذي كان يلقّب بالديباج وتسمّى بـ(أمير المؤمنين).
وفي اليمن: إبراهيم بن موسى بن جعفر.
وفي المدينة: خرج محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
وفي واسط التي كان قسم كبير منها يميل إلى العثمانية خرج جعفر بن محمد بن زيد بن علي، والحسين بن إبراهيم بن الحسن بن علي.
وفي المدائن: محمد بن إسماعيل بن محمد.
بل إنّك لا تجد قطراً إلاّ وفيه علوي يمنّي نفسه أو يمنّيه الناس بالثورة ضد العباسيين – حسبما نصّ عليه بعض المؤرخين – حتى لقد اتّجه أهل الجزيرة والشام المعروفة بتعاطفها مع الأمويين وآل مروان إلى محمد بن محمد العلوي صاحب أبي السرايا فكتبوا إليه أنهم ينتظرون أن يوجّه إليهم رسولاّ ليستمعوا إليه ويطيعوه.
وأمّا ثورات غير العلويين فكثيرة أيضاً وقد كان من بينها ما يدعو إلي (الرضا من آل محمد) كثورة الحسن الهرش (198 هـ) وسواها ولا مجال هنا للتعرض إليها ومن أرادها فعليه بمراجعة (البداية والنهاية) و(الطبري) وغيرهما من كتب التاريخ. بالإضافة إلى أنّ العباسيين كانوا غير مبايعين له وبعد أن علموا منه ما يريد بولاية العهد عمدوا إلى أخسّ شخصية عباسية وهو المغني العباسي إبراهيم بن المهدي المعروف بـ(ابن شكلة) وأمّروه عليهم نكاية بالمأمون وتصرفاته.
إذاً المأمون كما ذكرنا يعيش وضعاً حرجاً للغاية فالبلاد كلّها انفتقت عليه والشعوب لم تبايع وليس له قوة عسكرية يطمئن إليها والجوع قد عمّ خراسان والقوّاد يتصرفون في الأمر كما يشاءون وليس له إمكانية مالية يستطيع إغراء بعض الوجهاء ورؤساء القبائل. إذاً فما من منقذ ينقذه من هذه الورطة. وما هو الممكن الذي يستطيع فعله المأمون أو غير المأمون من القادة؟!
التعليقات (0)