اختتمت مجالس سماحة الشيخ الدكتور عبدالله الديهي الرمضانية بحسينة الحاج أحمد بن خميس وذلك في الليلة الثلاثين من شهر رمضان لعام 1437هـ ، حيث ابتدأ سماحته محاضرته لهذه الليلة بآية من سورة سبح " قد أفلح من تزكى ، وذكر اسم ربه فصلى ، بل تؤثرون الحياة الدنيا ، والآخرة خير وأبقى ، إن هذا لفي الصحف الأولى ، صحف إبراهيم وموسى " ، و روي عن رسول الله (ص) : " من صام شهر رمضان وختمه بصدقة وغدا إلى المصلى بغسل رجع مغفوراً له ". سيدور حديثنا حول عدّة محاور ، المحور الأول هو عناصر الفلاح الخمسة ومن جملتها الزكوات ، المحور الثاني هو شروط زكاة الفطرة ، المحور الثالث ، مضامين العيد وهي كثيرة و سنأخذ ثلاثة مضامين ، و المحور الرابع هو مستحبّات يوم العيد .
المحور الأول ، هناك عناصر للفلاح ، ممكن أن تكون في خمسة ، أولًا الإستقرار النفسي ، من أراد أن يكون منجحًا مُفلحًا في كل خطوات الحياة ، لابد من وجود أمن نفسي و استقرارٌ نفسي ليوجد أمن اجتماعي و تجاري و تعليمي ، النفس منطلق الأمن ، اذا كان الإنسان مستقرًّا تراه يعمل ، ويصلي و يقوم بواجباته الإجتماعية و الفردية ، الإيمان هو اللذي يعطي الإستقرار النفسي ، قضية الإيمان ليست كالإسلام ، فالاسلام حركة لسانية بقول الشهادتين ، امّا الإيمان فهو حركةٌ في اللسان و عملٌ بالأركان ، واعتقادٌ بالجنان ، هي عملية عقائدية ولفظية وعملية ، الإنسان بنفسه يمكن أن يؤمن من خلال رسولان ، الرسول الأول العقل و الرسول الثاني هو الذي يُبعث للأمم ، الرسول الخارجي لا يفيد الا بوجود الرسول الباطني ، فلابد من تهيئة المقدمات للهداية ، فالله يثيب الصالحين ويضل الضالين ، لابدّ للعبد اعمال العقل و احياء الفطرة والعمل بوسائل الهداية من قرآن ودعاء و الجلوس مع المؤمنين و الأخيار ، ودخول دورات للإيمان و الاستفادة من شهر رمضان في الأخلاق و السلوك ، فرُبّ صائم ليس له من الصوم الا الجوع و العطش ، عن علي ( ع ) " صوم القلب عن الآثام خير من صيام البطن عن الطعام " ، الصيام هو تهذيب النفس .
ثانيُا حبنا لله ، وهو ليس ادعاءً ، هناك أمور يمكن من خلالها معرفة حبنا الله ، هذه الأمور على أقسام ، القسم الأول ما يتعلّق بالقيام بما أمر الله و الإنتهاء عن نواهيه ، هناك بعض الأمور مالية يُمتحن فيها الانسان " وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب " ولذلك بعض الناس يقدم ماله على نفسه ، فهو امتحان ، " انَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ " الإمام علي لديه حب و عشق لله ، فجمع بين الأمرين ، العنصر الثالث هو الثبات و الصمود ، وهو مهم " وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " يمثلون الثبات على دين الله ، ما لم يكن هناك ثبات لا يوجد انتصار ، العنصر الرابع الوفاء بالعهد " مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا " ، العنصر الخامس إعطاء الزكاة ، فزكاة الفطرة هي ختام لصيامنا ، وهي الإمضاء ، وقد جعلها الله كالختم للقبول ،
المحور الثالث ، مضامين العيد ، أولا هو شكر ، فالله وفقنا وسهّل لنا صيام هذا الشهر كله ، و الأعيادُ عبادة فهي ليست مجرد قضية فرح ، وهذه من ألطاف الباري علينا ، فهذا الشهر شهر الغفران و الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم . والله يكافئنا في نهاية هذه الشهر ، يستحب عزل زكاة الفطرة و يستحب التكبير في هذه الليلة ، و يستحبّ غسل يوم العيد بعد صلاة الصبح ، و لا يخرج الى المصلى الا وهو مفطر و أحب شيء عند الله التمرات . يستحب التجمّل والقيام بصلاة العيد ، وذكر القنوت المبارك الذي تتجلى له ملكوت السماوات والأرض والذي لا تجده في المدارس الأخرى ، " اللهم أهل الكبرياء والعظمة وأهل الجود والجبروت وأهل العفو والرحمة وأهل التقوى والمغفرة، أسألك بحقّ هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيداً ولمحمدٍ صلى الله عليه وآله ذخراً وشرفاً ومزيداً أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تدخلني في كل خيرٍ أدخلت فيه محمداً وآل محمد وأن تخرجني من كل سوء أخرجت منه محمداً وآل محمد صلواتك عليه وعليهم أجمعين، اللهم إني أسألك خير ما سألك عبادك الصالحون وأعوذ بك مما استعاذ منه عبادك الصالحون " وبعد الصلاة يعايد المؤمن أخيه المؤمن ثم يرجع من غير الطريق الذي جاء به ، بالإضافة ألا ننسى أمواتنا ، و زيارة بيوت الشهداء و عوائل الشهداء و المسجونين و الفاقدين ، وادخال السرور في قلوبهم فإن لنا أجرًا عظيمًا .
التعليقات (0)