تواصلت محاضرات سماحة الشيخ الدكتور عبدالله الديهي بحسينية الحاج أحمد بن خميس بعدما توقفت في ليلة الأمس لإحياء ليلة القدر الشريفة ، ابتدأ سماحته الحديث لهذه الليلة التي تصادف ليلة الرابع و العشرين من شهر رمضان بآية من سورة الفتح " لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا " ، حديثنا حول الآية المباركة في عدة محاور .
أولا معنى البيعة ، هل هي تتنصب حاكمُا وتعزل حاكمُا ؟ ما هو الرأي الفقهي عند علماء المسلمين في البيعة ؟ البيع هو عقدٌ بين البائع و المشتري وهو انتقال المُثمن الى المشتري و الثّمنُ الى البائع ولها العديد من الاشقاقات من ضمنها البيعة ، البيعةُ هي عقد بين الناس -وهم الأمة- وبين حاكمهم ، هل البيعة تنصب الحاكم وتعينه ؟ ، لا هي تأتي بعد أن يتشخّص الحاكم ، فهو اعلان الطاعة للرئيس و الأمير ومن يتولّى الأمر ، أول شيء يجب أن تثبت بأن الشخص حاكمُا ثمّ تكون البيعة ، البيعةُ لاحقة للحاكم ، لا أنّ البيعة تعيّن الحاكم ، العرب كانوا يعرفون البيعة ولكنّهم يبايعون الرئيس واذا أصيب بالجنون أو الخرف او الموت يستخلف ولده او من لديه القدرة على الخلافة ، البيعة هي اعتراف لولي الأمر وبالحاكم و الرئيس و بالخليفة و الدليل على ذلك ما ذكره الموردي في كتاب " الأحكام السلطانية "- وهو من الطائفة السنية - ، وقد بيّن أنّ البيعة هي توكيل للحاكم ضمن شرائط معينة واذا لم يفي بشرطه انفسخ ، من خطبة الإمام علي عليه السلام " أيها الناس ان لي عليكم حقا ولكم علي حق فأما حقكم علي فالنصيحة لكم وتوفير فيئكم عليكم وتعليمكم كيلا تجهلوا وتأديبكم كي تعملوا ، وأمّا حقّي عليكًم فالوفاءُ بالبيعة ، والنّصيحةُ لي في المشهد والمغيب والإجابة حين أدعوكم والطاعة حين آمركم " .
ثانيًا ، الإسلام في زمن رسول الله ( ص ) عرف أربع بيعات ، البيعة الأولى هي بيعة العقبة الأولى ، اثنا عشر نفرًا من المدينة تسللوا الى رسول الله في أيام التشريق ، بايعوه ليدخلوا الإسلام ، البيعة الثانية هي العقبة الثانية ، خرج من أهل المدينة اثنان وسبعون رجلًا و معهم امرأتان ، تسللوا في الليل في أيام التشريق و لمّا أتوا النبي ، بايعهم على النصرة و على أن تقوم دولة في المدينة ، البيعة الثالثة هي بيعة الرضوان والتي حدثت في السنة السادسة للهجرة ، عندما خرج النبي مع 1600 او 1200 ، و صحب النبي 70 ناقة ، فخرج المشركون بـ 200 مسلّح ، قال لهم ان الله أمرني أن آخذ البيعة بألا تفروا من الحرب ، وحدث الإتفاق أن لا يعتمر رسول الله في تلك السنة ، و أن يدخل مكة بدون سلاح ، وكل قوم لهم الحق بأن يتحالفوا مع حلف ، و أن يدخلوا مكة ثلاثة أيام و ترفع الأصنام ، حيث كان المشركون يطوفون بالبيت عراة و يطوفون حول الصفا والمروة مع تقديس و التمسّح بالأصنام ، حيث نزلت الآية المباركة من سورة البقرة " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم " ، فذكر "لا جُناح" أي لا إثم ، حيث أنه لا إثم في حال وجود الأصنام بين الصفا و المروة . البيعة الرابعة هي بيعة الناس لأمير المؤمنين في يوم الغدير وهي معروفة .
ثالثًا ، النتائج التي تعطيها الآية المباركة هي وسام ، لمّا يعطى الإنسان وسام شرف قد يؤخذ من عنده ، لأنه من تخلّى عن الشرف في النحو المرجو يٌنزع منه الوسام ، متى ما انتفى الشرف انتفى الوسام ، هناك فرقٌ بين المؤمنين و المسلمين ، الإسلام هو تشهّد ، أمّا الإيمان فهو تلفّظ باللسان و عقدٌ بالجنان و عملٌ بالأركان .هذه الشجرة مكان ذكرى وبقت في زمان رسول الله حتى تولّى أبو بكر ومن ثمّ عمر ، حيث قال " أن ترجعوا للات والعزى " فقطعت الشجرة ، تحت هذه الشجرة قيادة للعالم ، أمّا الأمويين فلهم موقف خاص من هذه الآية ، ولهم أسباب عديدة .
التعليقات (0)