نبارك لكم ذكرى حلول شهر رمضان المبارك لعام 1437 هـ ، بهذه المناسبة افتتح سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضرته الرمضانية ، و ذلك في ليلة الحادي من شهر رمضان المبارك لعام 1437 هـ ،
وتحت عنوان " كيف نستقبل شهر الله " ، ابتدأ الصفا بخطبة الرسول الأعظم ( ص ) : أيها الناس إنه قد اقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة شهر هو عند الله أفضل الشهور وأيامه أفضل الأيام ولياليه
أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات وهو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله أنفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول ودعاؤكم فيه مستجاب فاسألوا الله ربكم بنيات
صادقة وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم .
عندما تقدم الدعوة من الله ، فأركان الدعوة ثلاثة ، الداعي وهو المولى تبارك وتعالى ، والمدعو وهم نحن ، و وسيط الدعوة وهو النبي ( ص ) مبلغ الدعوة ، هذه الضيافة كرّمنا فيها سبحانه وتعالى ووفقنا لأن
يصل بنا الزمان لشهر الله وهو نوع من التشريف و التكريم الالهي ، هناك سؤال يجب أن تكون اجابته حاضرة لدينا ، وهو كيف نستعد لاستقبال شهر رمضان ، و كيف نكون مؤهلين لاستقبال الألطاف الالهية ،
والاستعداد يكون على اربعة انحاء .
أولاً الإعداد العقائدي ، وهو الفقه الأصغر ، الفقه ينقسم الى ثلاثة أقسام ، فقه أكبر وهو علم معرفة الله ، وفقه أوسط وهو علم تزكية النفوس - علم الأخلاق - و فقه أصغر وهو علم الحلال والحرام ، وهو موقوف
على الفقه الأكبر ، الإعداد العقائدي يكون من خلال معرفة المعبود و معرفة الداعي ، يجب أن يكون ذلك حاضرًا في هذا الشهر المبارك ، معرفة العبد بالله سبحانه و تعالى هي التي تنعكس بسلوكه ، ما احوجنا
ان نكوّن عقيدة رصينة ، عندما يتسلل الفكر الإلحادي الى عقل شبابنا و شاباتنا يكون ذلك سببه عدم تكوين قاعدة عقائدية صلبة لهم ، لا يمكن لإنسان قاصر محدود ان يخضع الرب او البعد الروحي ( الملكوتي )
من خلال المدرسة التجريبية ، بل يكون بالمنهج العقلي و هو المنهج المحكم لأن نربي جيل واعٍ مهاجم غير مدافع .
ثانيًا الإعداد الفقهي ، وهو شرط ضروري نضمن من خلاله صحة الصوم ، وليس قبول الصوم ، فما يذكره الفقهاء من أحكام و شرائط اذا تعلمه المكلف ، فانه يولد لنا صومًا صحيحًا وليس بالضرورة القبول ،
فالقبول مشروط بالشرط الروحي الذي سنبينه لاحقًا . هناك نوعان للفقه ، فقه يجب تعلّمه ، وهو المسائل الابتلائية التي يكون المكلّف في معرض الإبتلاء بها ومن ذلك الصيام فهو ابتلاء فقهي عبادي ، يجب أن
يكوّن المٌكلّف مرئية فقهية ، ولا سيما التفقه بالمعنى الأخص و النوع الثاني هو فقه يستحب تعلمه .
ثالثاً الإعداد الروحي يكون من خلال البركات و الألطاف و الرحمات التي تُغرف بالقلوب ، شروط الأخذ هي شروط روحية ، و تطهير القلب من أهم تلك الشروط ، لابد أن ندخل الشهر الفضيل بقلوب نقية مع الله و مع خلق الله ، يجب أن نبادر في هذا الشهر الفضيل بتطهير القلب قبل أن تكون هذه المعاصي أقفال ، هناك القلب الميت وهو من يدخل ويخرج من شهر رمضان بلا قيمة و يستحق الويل ، وهناك القلوب المقفلة
التي ما لم تكن مع الله فيكون صاحبها محرومًا .
رابعًا الإعداد التنظيمي ، فالتنظيم ضرورة وهو جزء من شخصية المؤمن ، لا ينبغي علينا أن نفرّط بالزمان ، متى ما انصرم يوم فقد انصرم من عمرك ، كلما أتقنّا السلوك مع الزمان سواءً كان لحظة او ساعة او دهر ، يجب أن تتعاطى معه بحكمة ، مع الأسف فإن الدراسات المعاصرة تحصر عدد الذين يخططون 3% من الناس وهي نسبة متدنية للغاية ، أصحاب الأهداف المحددة و الإستراجيات و الخطط و الآليات يصلون حتمًا لغاياتهم ، لا يوجد فوضى في الإسلام ، يجب أن نحقق العبودية وهو هدف يجب ان نسير اليه بخطىً ثابتة و استراتيجية ثابتة ، الإنسان يجب أن يستثمر هذا الشهر من خلال التخطيط المتقن ، لأن أيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليال وساعاته أفضل الساعات . يجب أن نكون قادرين ان نخطو خطوات الى الله سبحانه وتعالى من خلال التنظيم الصحيح في هذا الشهر الشريف .
التعليقات (0)