٣٦ عامًا في خدمة موكب الزنجيل: حسن حبيب آل ربيع : من صغري كنت أتمنى المشاركة في الزنجيل، ورؤية في ليلة الثامن من المحرم هي البداية..
التقى موقع الحسينية خادم الإمام الحسين (ع) حسن حبيب آل ربيع، والذي خدم في موكب الزنجيل التابع للحسينية منذ قرابة ٣٦ عاما، ولا زال عطاؤه مستمر للآن. التقيناهُ في حوار شيق هو بمثابة قراءة في سيرة خدمته للحسين (ع)..
البداية:
كان والدي حفظه الله يصحبنا أنا وأخي محمد منذ صغرنا إلى الحسينية وكان ذلك في السبعينيات. وفي يوم السابع من المحرم ١٩٧٩م، كنت واقفًا أشاهد موكب الزنجيل ووقعت عيناي على من يقوم بضرب (الطاسة) فغبطته، وتمنيت من حينها أن أوفق للخدمة الحسينية في موكب الزنجيل.
في ليلة الثامن من نفس العام، حينما خلدت للنوم، كان فكري مشغولا فيما وقعت عيناي عليه عصر يوم السابع، لأغمض أجفاني على وقع ذلك الحلم بشغف كبير.
حينما أسلمت نفسي لسلطان النوم، رأيت رؤية كانت هي الدافع لإنطلاقتي في الموكب، رأيت رجلا يسألني في المنام: إذا كانت لديك الرغبة في الخدمة الحسينية، لِمَ تتقاعس؟!. حينما استيقظت من منامي في الصباح، صارحتُ والدتي بما رأيته، فشجعتني كثيرا للمشاركة بقولها (روح يا ولدي للصنقل).
ومنذ يوم الثامن من المحرم ١٩٧٩م انخرطت في موكب الزنجيل وعمري وقتها لا يتجاوز الـ ١٣ عامًا، وتعرضت وقتها للمضايقات حيث كان الكبار لا يتقبلون تواجد الصغار في الموكب وبالأخص فيما يتعلق بالأمور التنظيمية. كانت بدايتي بضرب (الطاسة)، وحمل دلو الماء الذي كان تغسل فيه زناجيل (السكاكين)، وبعد ذلك سُمح لي بقرع الطبل.
في موكب الزنجيل:
في الثمانينات اسندت لي مهمة تنظيم موكب الزنجيل وكان معي الأخوة منعم عبدالحسين داغر، تقي حسين بن خميس، عباس ومحمود عبدالنبي، بالإضافة لقيامي بقرع الطبل. وفي الثمانيات أيضًا، اسندت لي مهمة علاج المشاركين في موكب التطبير، حينها كنت طالبا في كلية العلوم الصحية.
في عام ١٩٨٩م، تم إلغاء موكب زنجيل (السكاكين)، وقتها ابديت وجهة نظري المتعلقة بالجانب الصحي، حيث كانت الزناجيل متسخة بالدم، وتغسل مع بعضها في دلو واحد. وبعد إلغاء هذا الموكب، زاد عدد المشاركين في موكب الزنجيل بشكل لافت. في نهاية الثمانينات أيضًا، تركت مهمة وضع جدول الرواديد المشاركين في الزنجيل للأخ منعم عبدالحسين داغر، ولا زال يقوم بذلك إلى اليوم.
بالنسبة للراوديد المشاركين في الزنجيل، فالبصمة الواضحة للمشاركات كانت للأخوة محمد وجميل ومحسن العرادي. وارتبط الموكب بشكل أكبر بجميل العرادي بفعل تشجيع والده رحمه الله له ولأخوته. وشاركنا أيضًا الرواديد حسين سهوان، جعفر سهوان، حسن أحمد المعلمة، عبدالشهيد الثور، الرواديد مكي جاسم وعبدالله الطبال، ولا ننسى مشاركة بعض الشباب كعبد الهادي البصري في نهاية الثمانينات. أما الآن، فتوسعت دائرة مشاركة الرواديد من خارج القرية فعلى سبيل المثال يشاركنا الرادود السيد أحمد العلوي في اليوم العاشر من المحرم.
الزنجيل بين الأمس واليوم:
أما عن طريق مسير الموكب، فكان في الثمانينات يخرج من الحسينية ثم ينعطف لليمين في غرب القرية قبل حسينية آل عبدالحي، ليدخل بعدها لمأتم النساء ثم يتفرق الموكب في الحسينية. في اليوم العاشر والأربعين، فكان ينعطف الموكب يمينا مقابل مدرسة السنابس الإبتدائية للبنين، ثم يدخل من خلف الحسينية من جهة الشمال.
في نهاية الثمانينات أيضا، اجتمعت مع الأخوة جعفر ومنعم عبدالحسين داغر لتتبلور فكرة خروج الرايات التي تحمل في مقدمتها الكفوف، والتي ترمز للعباس عليه السلام، وكانت من اقتراح وتنفيذ الأخ جعفر عبدالحسين داغر. وقتها تطوّع الحاج أحمد مشيمع لحملها ومازال أبناؤه يسيرون على خطاه هذا اليوم. أما بالنسبة للرايات الأخرى، فكنا نجلبها من العراق وإيران.
زنجيل الحسينية هذا اليوم:
في هذا اليوم، أصبح موكب زنجيل الحسينية أحد أكثر مواكب الزنجيل شهرة ومشاركة على مستوى البحرين، وهذا يتضحُ من خلال أعداد المشاركين وكميات الزناجيل التي تضاف سنويًا. وعند الحديث بين الأمس واليوم، فموكب الزنجيل كان يعتبر شعيرة ثانوية، لا تحظى بالمشاركة الكبيرة، وذلك يرجع لعدة أسباب، حيث كان ينظر للمواكب على أنها مواكب اللطم فقط، بالإضافة لتحفظ بعض كبار السن فيما يتعلق بالطبل. أما بالنسبة للأدوات المستخدمة، كنا في الثمانينات نستخدم طبلا واحدا فقط (الطبل ذهبي اللون الذي في الصور أسفل الموضوع)، هو نفسه أول طبل تم شراؤه في عام ١٩٧١م من المملكة المتحدة، ودخل في الخدمة منذ موسم عاشوراء ١٩٧٢م، ولا زال موجودا للآن، وتتم صيانته بتغيير الرقعة التي يضرب عليها كلما دعت الحاجة لذلك بالإضافة لـ (طاستين) فقط. أما اليوم، فلدينا ٦ طبول و عشر (طاسات) وستة أعلام وست رايات حسينية.
في النهاية، أحثُّ المؤمنين على المشاركة في موكب الزنجيل، كما كل الشعائر الحسينية، كما أدعوا الأخوة الشباب للإلتزام بالأخلاق الحسينية في سلوكهم ولبسهم، وفي قولهم وفعلهم.
التعليقات (0)