أكمل سماحة الشيخ الدكتور عبدالله الديهي سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس و ذلك لليلة الثانية والعشرين من شهر رمضان المبارك لعام 1436 هـ ، حيث بدأ المجلس بآية من سورة يونس " وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين " ، الآية المباركة فيها عدة أحكام ، حكم مدني و حكم شرعيٌ يتعلق ببيوت الانبياء وبيوت المعصومين ، وحكم استثناءٌ من هذا الحكم الشرعي وهو كل بيت مقدس لا يدخل اليه الا بطهارة و المقصود من الطهارة هو الطهارة من الحدث الأكبر وليس الأصغر .
هناك رأيان شرعًا في المراد من القوم ، الرأي الأول ، المراد منه الشعب والناس كلها ، و الذين يعتبرون قومًا وهم المواطنين على اصطلاحنا اليوم ، والرأي الآخر هو الذرية ، ذرية موسى وذرية هارون ، الحكم العام تكوين الوطن ، لأن الأوطان تبدأ بالأفراد ثم تتكون الأسر وتتفرّع الى قرية أو مدينة أو بلد أو دولة ، الحكم المدني هنا يوجّه الخطاب للأنبياء لأن يكونوا هم قادة المجتمع ، والمجتمع والوطن لابد أن ينشأ منهم ؛ لانه سيادة الناس بالوطن وحفظ الناس بالوطن ، الحكم الشرعي ،" أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة " هناك رأي بأن العلماء يعطون بيوت الأنبياء حرمة وقداسة و أنها مساجد تجري عليها أحكام المساجد ، حيث المسجد له حرمة فلا يجوز تخريبه و لا يجوز الإساءة له أو وضع النجاسة فيه ، واذا وُجدت فيه نجاسة وجب على الجميع ازالة النجاسة . هناك قاعدة للمسجد ، فلا يدخلها جنب ولا حائض ، فكيف تكون بيوت انبياء الله مساجد ويدخلها المجنب ؟ هناك استثناء في الآية وهي مخاطبة موسى وهارون " أن تبوآ لقومكما " المراد من الاستثناء هم فقط ذرية موسى الصلبيين وذرية هارون سلام الله عليهما . من باب الأولى أن يشمل الحكم بيت رسول الله وبيت علي والزهراء . فقد عمل رسول الله عدة امور في مكة ، أولًا قام النبي بأخوة المواطنة حيث اعتبر اليهود امة واحدة مع المسلمين ، وعمل المؤاخاة بين المهاجرين و الأنصار ،
من جملة الأمور التي قام بها ( ص ) أيضًا في مكة ، عمل لهم بيوتًا مطلّة على المسجد النبوي ، وهذا قبل نزول الحكم الشرعي ، هناك قاعدة تقول بأنه يجوز للحائض والنفساء أن تدخل من باب وتخرج من باب ، الا في بيت الله او المسجد النبوي ، ويجب التيمم في حالة حدوث الأمر داخل احدى ذينك المسجدين ، وما ان نزل الحكم الشرعي ، أمر الله نبيه ( ص ) أن يغلق الأبواب كلها الا باب علي وفاطمة ( ع ) . وقد أثار هذا الامر حفيظة البعض ، و ما فعله النبي من فضائل لعلي وفاطمة يتطلب مؤهلات ثلاثة ، المؤهل الأول أن يكون الإنسان ظاهره كباطنه و باطنه كظاهره ، لعلي ( ع ) ظاهر وباطن ، و للنبي ( ص ) ظاهر وباطن ، ولفاطمة ( ع ) ظاهر وباطن وهما متسوايان ، المؤهل الثاني ، أنه عليه السلام كان نفس النبي ، حيث ينقل مسند احمد بن حنبل " قال ( ص ) ألست أولى بكم من أنفسكم قالوا بلى ، فقال (ص ) : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ثم رفع يديه إلى السماء وقال اللهم والِ من والاه وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله " ، المؤهل الثالث هو الطهارة الذاتية ، وهذا يصعب على العقول التي لا توالي أهل البيت ان تعترف لهؤلاء بهذه الطهارة و هي العصمة .
التعليقات (0)