أحيت حسينية الحاج أحمد بن خميس اللّيلة الخامسة عشر من شهر رمضان المبارك لعام 1436 هـ ، والتي تصادف ذكرى مولد الإمام المجتبى عليه السلام ، وقد بدأ الحفل الرادود الحسيني حسين أحمد بتلاوة للذكر الحكيم ، وبعده أنهى سماحة الشيخ إبراهيم الصفا سلسلة محاضراته تحت عنوان " المعصومون و اختلاف الأدوار والموقف " و قد تقدّم الحديث بآية من سورة الأنبياء " و وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين " ، وقد بارك سماحة الشيخ للأمة الإسلامية جمعاء بهذه المناسبة العطرة التي تعتبر أول ثمرة وجدت من بين معصوميْن ، الإمام علي ( ع ) و الزهراء ( ع ) ، القرآن الكريم يبين لنا اهدافًا كبيرة ينهض بها المعصومين ، فالآية المباركة تبين مشروع كبير ينهض بها الأنبياء ويكمله الأوصياء ومن يأتي من بعدههم ، كيف نفهم وحدة الهدف مع اختلاف الأدوار التي تنهض بها أئمتنا عليهم السلام , الهدف من وجود المعصوم اقامة شعائر الله و تثبيت الأركان الالهية في الأرض والسعي الحثيث لهداية الإنسان وبلوغه مراتب الكمال ، عندما نقف في المواقف الدقيقة للمعصومين ، نجد حالة من التباين في المواقف ، أحدهم يسالم و الآخر يقاتل .. أحدهم يتقرب من السلطة .. آخر يعلن مقاطعة صريحة ، و هذه مواقف متباينة ، وهذا لا يفضي الى القول بأن المعصومين عليهم السلام يتناقضون في مواقفهم و أقوالهم . أبو الحسن اضطر لإبرام الصلح والمسالمة في قبال ذلك أعلن الحسين الحرب والجهاد وقُتل في سبيل الله ، لماذا هذه المواقف المتباينة في مواقف المعصومين ، العلماء يقولون هناك وحدة للهدف و تعدد للأدوار .
الأحكام الشرعية ومواقف المعصومين تنطلق من منطلق المصالح والمفاسد ، فكل حرام من وراءه مفسدة ، وكل واجب من وراءه مصلحة سواء عرفناها أو لا ، هذه قاعدة في أصول الفقه و أمر متسالم عليه ، مواقف المعصومين أيضًا تتحرك على ضوء المصالح والمفاسد ، قد ينقلب أمرٌ محرم في الواقع الى واجب ، الكذب مثلًا حرام و من وراءه مفسدة ، فلو تزاحم المؤمن بين المصالح والمفاسد .. بين مفسدة الكذب ومصلحة الصدق فإن مصلحة الصدق تنقلب الى مفسدة ، فيجب عليك الكذب . تنقلب المواقف والأحكام حسب الملاكات ، مواقف المعصومين على هذا الصعيد فالموقف يقتضي شيء ولكن الهدف واحد ، أحدهم يقترب و الآخر يبتعد ، هناك تعددية في الأدوار وهذه التعددية لا تعني ان المعصوم انحرف ، بعد التسليم ومن خلال الدليل العقلي القطعي بان الإمام المعصوم لا يخطئ سواء عرفنا المصلحة او لا ، توجد قاعدة عقلية ثابتة بالدليل العقلي أن المعصوم اذا فعل فعل لا يمكن أن يصدر منه الخطأ ، في مباحث العقيدة قام الدليل على ان الله له ثلاثة أنواع من الصفات ، النوع الأول هو الصفات الثبوتية ، هي التي حكم العقل بوجوب ثبوتها لله مثل العلم و الحياة والقدرة ، الصنف الثاني هو الصفات السلبية وهي ما حكم العقل بضرورة سلبها عن الله مثل التركب و الجسيمية ، الصنف الثالث هو الصفات الخبرية وهي الصفات التي لا يقبلها العقل ولكنّها واردة بالنص مثل " يد الله " و هي ثابتة بالدليل القطعي النقلي ، فهنا كل ما ثبت بالدليل النقلي القطعي اذا ارتطم بالدليل العقلي يؤوّل ، كي لا يرتطم مع الدليل العقلي ، وحين ثبوت بالدليل النقلي القطعي أن بعض المعصومين سالم لبعض الطغاة ، فالتباين في مواقف المصومين يعبر عنه باختلاف الادوار واتحاد الهدف ، و الدليل العقلي يقول بأنه يستحيل أن يقوم المعصوم بالحرام ، فالرضا ( ع ) قبل بولاية العهد وان كانت في حالة من الإلزامية والاكراه ، والصادق ( ع ) أعلن حالة من المقاطعة ، و قام الحسن بن علي ( ع ) بابرام الصلح مع معاوية و قد ثار الحسين ( ع ) ، قطعا توجد مصالح قد تكون خفية علينا في تباين تلك المواقف ، بل حتى الصحابة تعددت أدوارهم وفقًا للمصالح و التابعين أيضُا . المصالح والمفاسد هي من تحرّكنا ، الحسن حينما أعلن الصلح مع معاوية هجموا عليه وكفروه و طعنوه و سمّوه جبانًا ، لابدّ علينا أن نعرف امام زماننا و أن نعرف أن الإمام على صواب أينما وضع رجليه حتى لو لم نعرف المصلحة . الإمام الحسن عليه السلام مدرسة عظيمة لابد من التامل فيها ، فانها شخصية ليس لها نظير وتوجد فيه جميع سجايا رسول الله ( ص ) .
بعد الكلمة ، قام الرادود فلاح أحمد بتقديم مسابقة ثقافية للأطفال و لحقتها فقرة اجتماعية للأستاذ سعيد حبيب كايد ، و كان عريف الحفل الرادود الشبل سلمان عياد
التعليقات (0)