أكمل سماحة الشيخ إبراهيم الصفا سلسلة محاضراته بحسينية الحاج أحمد بن خميس وذلك للّيلة السابعة من شهر رمضان المبارك لعام 1436 هـ ، وتحت عنوان " دواعي الكذب عند الإنسان " ، ابتدأ سماحته بحديثٍ للإمام العسكري " جعلت الخبائث في بيت و جعل مفتاحها الكذب " ، عند الوقوف مع القرآن الكريم و التأمل في جملة الصفات التي تحدّث عنها ، نَجد أنّ هناك صفات ايجابية أكّد القرآن بالتحلّي بها وصفات سلبية أكّد القرآن أن يترفع عنها الإنسان المؤمن ، وفي القرآن جملة من صفات الله التي أمر سبحانه وتعالى عباده أن تتسم بها الشخصية الإسلامية وتنعكس في سلوك المؤمنين ، فكما أنّ الله رحيم .. فيجب أن يكون الإنسان رحيمًا ، وكما أن الله عطوفًا .. يكون الإنسان عطوفًا ، والليلة نتحدث عن الكذب وهي من الصفات المذكورة في القرآن والتي أكد فيها على ضرورة ترفع المؤمنين عنها .
عندما يتعرض القران للكذب فهو يدفعنا الى دائرة مقابلة ، وهي دائرة الصدق ، الكذب هو مفتاح لجميع المصائب التي يقع فيها الانسان حسب ما يُفهم من حديث إمامنا العسكري ، وهناك عدة دواعي للكذب ، من ضمنها دواعي لمكاسب دنيوية و مادية ، يقول الإمام علي عليه السلام " حب الدنيا رأس كل خطيئة " ، كلّ البلاء و الظلم و الجور والقتل في الواقع من أجل الدنيا ، ومن أجل تحقيق المطالب و المصالح الدنيوية ، من المضحك المبكي ما يتلاعب به الغربيّون في بعض منتجاتهم و الترويج لها بحجة أنها مذبوحة بالطريقة الاسلامية ، فهذا كذب و الغرض منه الإستخفاف بعقول المسلمين لتحقيق الغايات المادية و المكاسب الدنيوبة و الأعظم بلاءً عندما يأمر النبي بشيء ويأتي الناس بخلافه ، فقد أمر النبي بالوقوف أمام الطغاة و نجد البعض حينما يقف أمام الطغاة فإنه يعطيه من الكلام المنمّق الجميل الذي تفوح منه رائحة العفن وكل ذلك بسبب تحقيق المآرب المادية . الغاية الثانية هي الغايات السياسية والمكاسب سياسية ، فتدعو البعض للكذب على الله و على الرسول ( ص ) ليخطو خطوة نحو الأمام ، و نجد الكثير من النماذج في حرب صفّين ، حينما قال جيش معاوية " حسبنا كتاب الله " و الإمام عليه السلام كان يعلم بنفاق هؤلاء وأنها كانت كلمة حق يراد بها باطل وانّ الغاية القصوى منها هو إيجاد الشقاق والنفاق في جيش علي وتثبيط هممهم .
الغاية الثالثة هي الغايات الشخصية ، فالبعض يكذب إمّا حسدًا أو كراهيةً أو بغضًا لاسقاط غيره ، فالبعض من مسببات الحسد فيقوم الإنسان برمي الكلام لكسر شخصية الإنسان وهذا لا يجوز ، فعن الله عزّ وجل في الحديث القدسي " مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ " فالكذب له غايات للنّيل من شخصية ، ومن النماذج التي يتوجّع القلب من أجلها هي شخصية علي بين أبي طالب ( ع ) حين أراد معاوية بن سفيان أن يشوّه صورته و شرّع سبّهُ في المنابر الى عهد الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز ، فأسسوا فكرًا خطيرًا في الشام ، فعندما قُتل أبو الحسن عليه السلام وبلغ أهل الشام أن عليًا قد ضُرب بالسّيف في محرابه ، أبدى أهل الشام استغرابهم بأن الإمام كان يصلي ، وكل ذلك هدفه تصغير مقامه عليه السلام ، وليس لهذا لحد فحسب ، بل تم طعن أبوه أبو طالب عليه السلام الذي تصادف هذه الليلة ذكرى وفاته ، و تمّ التدليس في شخصيّته ، وتناسوا ما لهذا الرجل من مقامٍ عظيم ! ، فكان السند والعون لرسول الله ( ص ) ، حيث قال ( ص ) " والله ما نالت قريش منّي شيئًا أكرهه ، حتى مات أبو طالب " .
التعليقات (0)