أكمل سماحة الشيخ علي البني مجالسه الحسينية بحسينية الحاج أحمد بن خميس وذلك في ليلة التاسع من شهر محرم الحرام لعام 1436 هـ ، وقد استهلّ مجلسه بالآية الكريمة من سورة آل عمران " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " . ثم أضاف البنّي ، الآية المتقدمة والتي هي محل البحث ، من الآيات المهمة في الفكر الإسلامي ولها دلالات عقائدية وتفسيرية وتاريخية ، لذلك أصبحت هذا الآية محل إهتمام علماء الإسلام قاطبة ، وأفردوا لها مساحة واسعة في مؤلفاتهم ، هذه الآية تعرف بإسم آية المباهلة ، وذلك بسبب وقوع حادثة بين النبي وبين نصارى نجران إنتهت بمسألة المباهلة .
يوم المباهلة يوم من أيام الله تعالى ، حادثة المباهلة ويوم المباهلة من الأيام المهمة في الفكر الإسلامي ويمكن أن نستدلّ على أهمية هذا اليوم من خلال دليلن ، الدليل الأول من القرآن الكريم ، حين خاطب الله موسى في سورة إبراهيم " ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور " ، أعطاه وظيفتين ، الأولى عامّة وهي أن يخرج قومه من الظلمات الى النور وهذه وظيفة جميع الأنبياء ، الوظيفة الثانية هي وظيفة خاصة وهو أن يذكّر قومه بأيام الله . الله خالق المكان وخالق الزمان ، كل شيء في هذا النظم والوجود ينسب لله ، شاء الإنسان أو أبى ، العلة الفاعلة هي الله ، أيام الله فيها ظهرت قدرة الله و غلبة الله ، فنسبت لله بدون منازع ، الأيام التي انتصر الله فيها لأنبياءه ورسله . الذكرى تكون على نحوين ، ذكرى الكافر تختلف عن ذكرى المؤمن ، فذكرى الكافر يكون الخطاب فيها بسياق من لا يرجى منه الذكرى أبدًا كما جاء في سورة الأعلى " فذكر إن نفعت الذكرى " ، النحو الثاني هي ذكرى المؤمن كما جاء في سورة الذاريات " وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين " . الله يريد ذكرى المؤمن ليتذكر ذلك اليوم الذي ظهرت فيه قدرة وغلبة الله بوجود موجد ويتعظ ، الإنسان يجب أن يتذكر بأن الصانع والرازق هو الله
الإمام علي ( ع ) قال " .. وكان رسول الله اذا خطبنا ذكرنا بأيام الله " ، ومن أيام الله هو يوم المباهلة و تقول التفسير بظهور تسع كرامات فيه أولها ظهور عزة الله اذ أنه نصر نبيه محمد ( ص ) . الدليل الثاني هو الروايات ، فروايات أهل البيت لم تجعل يوم المباهلة كسائر الأيام بل أعطته وزن وحجم ، فعن الإمام الصادق ( ع ) " من صلى في هذا اليوم ، يعني الرابع والعشرين من ذي الحجة ركعتين قبل الزوال بنصف ساعة شكرًا لله على ما من به عليه وخصه به .. عدلت عند الله مائة ألف حجة ، ومائة ألف عمرة ، ولم يسأل الله تعالى حاجة من حوائج الدنيا والاخرة إلا قضاها له كائنة ما كانت " . يوم المباهلة هو اليوم التي تظهر فيها غلبة الله و رسوله و آل البيت أعطوه عناية خاصة في خطابهم . هناك عدة دلالات في آية المباهلة ، الدلالة الأولى هي بيان عظمة أهل البيت ، أمّا الدلالة الثانية هي التضحية والبعد التضحوي الذي وجد في آية المباهلة فالمباهلة هو الطرد من رحمة الله وتكون على الكاذب الواقع في طرفيي المواجهة .
التعليقات (0)