شارك هذا الموضوع

الإنقياد بين الحدود الإلهية والرغبات النفسية - البني ليلة السابع من محرم 1436 هـ

أحيت حسينية الحاج أحمد بن خميس ليلة السابع من محرم عام 1436 هـ ، وهي الليلة المخصصة لرثاء أبي الفضل العبّاس ، حيث اعتلى المنبر سماحة الشيخ علي البني وقد إستهلّ مجلسه بحديث للإمام السجاد ( ع )  " رحم الله العباس فلقد آثر و أبلى وفدّى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه فأبدله الله بهما جناحين يطير مع الملائكة في الجنة " .



من الصفات البارزة التي تجسدّت و تجلّت في شخصية أبي الفضل العباس هي إنقياده المطلق للحسين ( ع ) ، ومن الصفات الأخلاقية الواضحة أنه كان منقادًا للإمام الحسين ( ع ) ، فلم يذكر التاريخ أنّ العباس أشار على الحسين بمشورة كما أشار عليه غيره عندما أراد أن يخرج الى لكوفة ، ولم يذكر ايضًا بأن العبّاس أبدى رأيًا في قِبال رأي أخيه ، فالتاريخ يذكر بأن العباس ( ع ) كان منقادًا الى إمام زمانه .


 
عرّف البني في بداية الحديث الإنقياد لغةً وهو الخضوع ، أمّا في المصطلح الفقهي فالإنقياد بمعنى الطاعة الحقيقيّة . ثم أكمل : اذا سلّمنا وقبلنا بأن الإنقياد بمعنى الطاعة فإن الطاعة لا تكون انقيادًا إلا بوجود حدّين ، الحدّ الأول أن يكون وفق الحدود الإلهية التي حددها الشارع المقدس ، أمّا الحد الثاني وهو أن يكون خلافًا للرغبات النفسية . الإنسان مزوّد بعدة قوى ، القوة العقلية و القوة الغضبية والقوة الشهوية ، كل قوة يوجد ما يكدّر صفوها ، القوة العاقلة يكدر صفوها آفة الجهل والشك ، القوة الغضبية يكدر صفوها التهور والجبن ، أمّا الشهوية يكدّر صفوها حبّ الدنيا والجاه . الإنسان يُبتلى برغبات نفسية ، فإذا فقد الإنسان قواه ولم يستطيع أن يكبح جماحه أمام هذه الرغبات ، قد تجعله يخرج عن الحدود الشرعية .



الإنقياد ينقسم الى ثلاثة أقسام ، القسم الأول هو الإنقياد المنهيُّ عنه ، وهو الطاعة التي نهى الله عنها ، ومن مصاديقها الطاعة للشيطان والطاعة للطاغوت  ، من سورة الجاثية " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون " فالهوى هنا بمعنى ميل القلب الى الشهوة من غير تعديله بالعقل .



 القسم الثاني هو إنقياد محدد بإطار ، وهو الطاعة التي حددها الشارع المقدّس من ضمنها طاعة الوالدين ، فالإنقياد للوالدين مطلوب لكنه يجب أن يكون وفق الرسم الشرعي ، من سورة الإسراء " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا  " وقد جاء القيد في سورة لقمان " وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا " .



القسم الأخير هو الإنقياد المطلق ، كما جاء في سورة النساء " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " فمتى ما كان الإنسان نبيًا أو امامًا ، لابد الإنقياد له في جميع الجوانب والجهات ، و أن تجسّد الإنقياد الإلهي التام الى هذا الشخص .



التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع