شارك هذا الموضوع

بين زيارة الحسين (ع) والتقية - البني ليلة الخامس من محرم لعام 1436 هـ

أحيت حسينية الحاج أحمد بن خميس ليلة الخامس من شهر محرم الحرام لعام 1436 هـ ، وقد استهل سماحة الشيخ علي البني حديثه هذه الليلة برواية عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه السلام) قال : قال لي : (( يا معاوية ، لا تدع زيارة قبر الحسين (عليه السلام) ، فإن من تركه رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان عنده . أمَا تحب أن يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والأئمة (عليهم السلام) ؟ أمَا تحب أن تكون ممن ينقلب بالمغفرة لما مضى ويغفر له ذنوب سبعين سنة ؟ أمَا تحب أن تكون غداً ممن يخرج وليس عليه ذنب يتبع به ؟ أمَا تحب أن تكون غداً ممن يصافحه رسول الله (صلى الله عليه وآله) .



الحديث المتقدم يشير بشكل واضح وبيّن الى أنه لا ينبغي للمؤمن أن يترك زيارة الحسين بسبب الخوف ، و لا ينبغي للخوف ان يكون مانعًا ،  ولو تأملنا في الحديث لوجدنا ان الامام لم يبيّن حقيقة هذا الخوف ، أهو خوف على مال أو عرض أو نفس ؛ مما يعطي دلالة أن كل خوف يتصوره الانسان انه خوف سواءً كان عظيمًا او حقيرًا ، فالامام يقول بأنه لا يمنع ذلك الخوف من زيارة الحسين . حقيقة التقية هي أن يتقي الإنسان من ظالم أو جائر يخاف الضرر منه ، فالتقية يمكن ان تكيف النفس مع ذلك الظالم ، بحيث تحافظ على المال والعرض و النفس ، لعل الحكمة من التقية هي حفظ النفس و العرض وماله ، قال الصادق (ع) : اتّقوا الله على دينكم واحجبوه بالتقية ، فإنّه لا إيمان لمن لا تقية له ، إنّما أنتم في الناس كالنحل في الطير ، لو أنّ الطير يعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلاّ أكلتْه ، ولو أنّ الناس علموا ما في أجوافكم أنّكم تحبّونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم ، ولنحلوكم في السر والعلانية ، رحم الله عبداً منكم كان على ولايتنا " .



أراد البعض أن يوفّق بين رويات التقية و بين الذهاب الى الإمام الحسين ( ع ) في حالة الخوف والضرر ، فقال بأن الخوف مفهوم مشكك ، وهو يختلف سعة وضيقًا من شخص لآخر ، مرة نريد من هذا الخوف هو الخوف العام ، كالأسباب الطبيعية بأن هناك إحتمال ضئيل عند جميع الزوار خوف لإحتمال الضرر ، و مرة يذهب المؤمن للزيارة و عنده احتمال لدرجة الإطمئنان أنه قد يتعرض للضرر ... ذلك خوف وذلك خوف ، يقول صاحب هذا القول بأن الروايات لم ترد المصداق الأكبر من الضرر ، بل الخوف العام الموجود لدى كل الناس ، و لكننا لو عرضنا هذا الرأي على الروايات لرأينا بأنه لا ينسجم مع الرواية انسجامًا تامًا . " من أتى قبر الحسين خائفًا أمّن الله فزع يوم القيامة " ، هناك أمور لا تشملها التقية ، لا تقية في توهين المذهب ، و لا تقية في ضرورة من ضرورات الدين . بعبارة اخرى علمائنا يرون بأنه ما من مطلق إلا وقد قُيّد . و أن روايات التقية مطلقة ولكنها قيّدت ، فزيارة الإمام الحسين عليه السلام لا تشملها التقية . زيارة الحسين ( ع ) مظهر من مظاهر المذهب ، و مظهر من مظاهر الإيمان ، فيجب أن لا تختلي كربلاء في يوم من الأيام حتى في ظرف الخوف لأن زيارة الحسين شعيرة من شعائر الحق .



الذهاب الى زيارة الحسين فيه ضرر فكيف يمكننا أن نكيف المسألة بين الضرر وقاعدة " لا ضرر ولا ضرار " - منشأ القاعدة ذكر في مجالس سابقة - ، من خلال الرويات ، نجد أن كل مصداق من مصاديق زيارة الحسين له ثواب خاص به ، هذا الثواب لا يوصل الى الزيارة الثاني وإنما هو مخصص ، الرواية تقول " من بات عند الحسين ليلة العاشر من المحرم كان كالمتشحط دمًا في سبيل الله " نجد أن كل زيارة لها ثوابها الخاص ، وهناك زيارة خاصة قال الإمام الصادق عليه السلام بأنّ الشيعة غافلين عنها وهي الزيارة الخاصة باليوم الأول من شهر رجب ، فهناك ثواب عظيم لمن زار الحسين وهو في حالة الخوف .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع