شارك هذا الموضوع

صنقور: الرادود قدوة .. وعليه الإنضباط بقيم الدين


في ليلة الجمعة الموافق 23 اكتوبر 2014 ، أقامت حسينية الحاج أحمد بن خميس محاضرة توعية بعنوان الضوابط الشرعية ( الّلحن و الكلمة ) ، دعت فيها الشعراء والراوديد ، حيث ألقاها سماحة الشيخ محمد صنقور ، وقد بدأ سماحة الشيخ محاضرته بمقدمة تضمنّت أسباب إكتساب الرادود الأهمية الكبيرة ، ومن أبرزها أن دائرة من يصلهم صوت الرادود تتسع لتشمل كل فئات المجتمع على اختلاف مستوياتهم الثقافية والإجتماعية ، وعلى اختلاف فئاتهم العمرية ، و كذلك صوت الرادود يصل الى مسامع العالِم والكاتِب والأديب والمثقّف ، كما يصل الى مسامع الموظّف والعامِل والصحفي ، كذلك يصل الى مسامع الطفل الصغير والمرأة و الشيوخ . السبب الآخر الذي نشأ عنه أهمية دور الرادود ، هو أن صوته وأدائه و مضامين كلماته محل عناية وإهتمام لكلّ المتابعين للشأن الشيعي من مختلف المذاهب الإسلامية و كذلك غير المسلمين الذين يعنيهم المتابعة لشؤون المجتمعات والأديان والمذاهب ، هؤلاء اذا كانوا يريدون التعرّف على الشأن الشيعي يرون بأنه من الضروري أن يقفون على هذه الظاهرة وهي خروج المواكب في موسم عاشوراء وغيره . من هذين السببين تتجلى خطورة دور الرادود ، وعلى كل من يريد أن يكون في هذا الموقع و أن يتصّف بهذا الوصف ، أن يعي خطورة دوره ؛ لأنه يكون سببا لهداية الكثير من أبناء المجتمع و أن يعمّق صلتهم بأهل البيت وشدّهم لأهمية الثورة ومكارم الحسين ، وقد يكون سببًا في عزوف الناس عن نهضة الحسين و قيمها وشعاراتها ومكارم أخلاق الحسين ( ع ) ، قد يساهم الرادود في إعطاء صورة مشرقة ناصعة لهذا المذهب ، وقد يساهم في أن يعطي صورة واهنة ومظلمة عن هذا المذهب الشريف . عندما يعي الرادود خطورة دوره هنا تكون الخطوة الأولى .


 


 


انطلاقًا من هذه المقدمة سوف نتحدث عن الضوابط الشرعية المتصلة بأداء الرادود ، فلا يمكن الحديث عن الضوابط من غير هذه المقدمة حيث سيحول ذلك دون استيعاب الرادود لتلك الضوابط استيعابًا حقيقيًا ، الحديث حول الضوابط يتصل بثلاث جهات أساسية ، الجهة الأولى تتصل بشخصية الرادود نفسه ، هناك ثمة صفات ينبغي أن تتوفر في الرادود كي يكون مؤهلا لهذا الموقع ، هذه الصفات ترتبط بسلوكه ، بهديه ، بسجاياه ، و طبيعة مزاجه و ملكاته النفسية ، يجب أن يكون الرادود منضبطا و متدينًا بدين الله و ملتزمًا بأحكام الله ؛ لأننا نريد من الرادود أن يكون قدوة وأسوة حسنة . هذه الثقافة تفرض علينا أن نجعل الإلتزام بدين الله من الصفات الأساسية ، فلما يكون الرادود غير ملتزم بأهداف الحسين ( ع ) و لم يراعي الحدود ولم يكترث بها، العقاب عليه سيكون مضاعفا ،وسيكون سببًا في إدخال الوهن على هذا المذهب ويكون سببا في أن لا يرعى الصغار الحدود الشرعية فيكون هو الطريق والسبيل لذلك . بتعبير آخر الرادود هو سفير للحسين ( ع ) وهو القدوة - شئنا أو أبينا - فيجب أن يدعو الناس الى التسامح و الإنضباط لقيم الدين الحنيف وأن تتوثق علاقة الناس بأهل البيت ( ع ) .


 


 


الأمر الثاني هو يجب أن لا يكون الرادود محسوبًا على جهة من الجهات ( فصيل سياسي أو ماتم أو حزب ) و ينبغي أن ينأى بنفسه عن التجاذبات و الصراعات حتى يكون للجميع ، وهذا ليس شرطًا ثانويًا بل شرط أساسي ، كل من قبل لنفسه أو ساعد في اصطفاف المجتمع ، يجب أن يتذكر أن الحسين ( ع ) للجميع . ينبغي على الرواديد ان لا يدخلوا حتى في ادارات المواتم في قراهم ومناطقهم لما ينشأ عليه فتور في بعض العلاقات ، اذا كان الرادود ضمن هذه الادارة سوف ينعكس عليه ما ينعكس على الإدارات من آثار و خلافات وهذا أمر طبيعي في طبيعة العمل وترتيب العمل . هناك آثار نفسية ستقع في نفوس البعض حين تكون ضمن أحد الجهتين ، فقد فقدت الصبغة في أن تكون محبوب الجميع و يتأثر من رثاه وعزاءه الجميع ، من المنتظر أن يكون تأثير الرادود على شريحة أوسع وهذا أمر قد لا يكون نتيجة اصطفافه ضمن فصيل سياسي واجتماعي .


 


 


الامر الثالث ، يجب نؤكد أن الرادود من أشد الناس حرصًا على الإنضباط بضوابط الشرع وان يتخلى عما يرغب ولا يلتمس الرخّص ، وأن يكون أشد الناس إحتياطا في الدين حتى يكون قادرا في التاثير و أن يكون مؤهلا لدور القدوة لأبناء المجتمع . الفرق بين الغناء والعزاء من حيث اللحن أدق من حد السيف ، وقد يخرج من العزاء الى الغناء ويعود الى العزاء ويتقلب في الغناء وهو لا يشعر ، الغناء ترجيع للصوت الغرض منه التأثير في المشاعر وكذلك العزاء ،الفرق بين الغناء و الرثاء أن الغناء يكون بألحان مناسبة لمجالس أهل اللهو والفسوق و غالبة ما تكون موجبة في الوقوع في الطرف وهو خفة تعتري النفس لحزن او فرح ، لكن عندما يكون ترجيع الصوت مؤثرًا وليس مناسبًا للهو ويكون في رثاء الحسين فهو مقبول وهذا هو المعيار ، وقد نوه على ذلك أهل البيت " اقرأوا القرآن بالحان العرب " . 


 


 


العزاء يبعث في القلب مزيدا من الإيمان والتقوى و يعمق الصلة بأهل البيت و يشد الناس الى مكارم أهل البيت و سجايا أهل البيت و الغناء ينبت في القلب النفاق ، عندما تخرج من العزاء وتدخل في الغناء تكون من هو مشمول في الوعيد الإلهي والذي ذكره في سورة النساء " إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا "، فالغناء من الوسائل التي تبعث على النفاق ، كثير منّا يظن أن اللحن الحزين ليس غناء ، بل على العكس ، فليس الحزن هو الضابط . و ليست المضامين والكلمات هي الضابط أيضًا . أكد الفقهاء تبعًا لأهل البيت إذا كانت الألحان المناسبة لمجال اللهو والباعثة على الطرب وقد كان مضامينها قرآنًا وذكرًا او دعاءً أو رثاءً للحسين فإن عقوبة هذا الغناء أشد من الغناء ؛ لانه هتك حرمة الحسين ( ع ) والدين من خلال تجهير كلمات الدين في أطار الحان ماجنة ، يجب أن توخ الحذر . من المؤسف أنّنا رغم وضوح هذه المسألة نجد انّنا نقترب أكثر الى الحان أهل الفسوق . وليس ذلك فحسب ، بل نقع في ألحانهم ونجري بعض التعديلات ونأتي بكلمات حسينية وننشرها، نحن نقترب حتى من الهيئات التي يكون عليها أهل الفسوق .. الصور هي الصور و التسويق هو التسويق .. الكيفية التي يتم تصوير فيها المشاهد العزائية ( الفيديو كليب ) هو نفس "الفيديو كليب" الغنائي ، الثياب و الهيئة وطريقة الوقوف ، حين نجد أنفسنا حريصين على إدخال أدوات الموسيقى و أن ندرس الأساليب و الألحان وأن نكوّن علاقات مع المطربين حتى نستفيد منهم ، كل ذلك أمر معيب و في غاية الأسف ، وهذا كلام ليس عامّا وانما هو نقد لقضية بالغة في الخطورة ، من منطلق مسؤوليتنا الحسينية أن نساهم في اصلاح هذه الظاهرة المهمة و ينبغي أن نكون على حذر شديد من الوقوع في تلك المزالق ، فشعورنا بالإنهزامية جعلتنا نبحث عن وسائل للتاثير ، فيجب أن نثق بقدراتنا و لا يكون لنا أُنس بأهل المعاصي و أن نستوحش منها .


 


كذلك يجب أن نركّز على المضامين التي تكون عليها القصيدة ، الرادود يجب أن يكون مثقفًا و واعيًا وأن يكون له إلمام بأهداف الثورة ومبادئ الدين وهدي الإسلام ، ويكون من أولياته أن يكون قادرًا على إختار المضامين . وفي الختام أجاب سماحة الشيخ على مداخلات الجمهور . 


 


 

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع