في ليلة الخامس والعشرين من شهر رمضان لعام 1435 هـ ، أكمل سماحة الشيخ الدكتور عبدالله الديهي سلسلة محاضراته بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، وقد بدأ حديثه هذه الليلة بآيات من سورة الفتح ، " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا " ، " إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ الفتح " ، وقد بدأ بمقدمة وهي أن شهر رمضان يوجد فيه العديد من الذكريات التي تمثل مفاصل في الإسلام و يجب الإهتمام بها ، حوادث كثيرة يجب أن نعيد ذكرها و قد أمرنا الله بذلك . ومن تلك الأيام التي تسمى بأيام الله هي يوم بيعة الشجرة أو ما تسمّى ببيعة الرّضوان ، من هنا تطرّق الدكتور الى ثلاثة أمور
الأمر الأول ، ما هي البيعة ماهي المبايعة ؟ البيعة لغة مأخوذة من البيع وهو إعطاء المُثمن وأخذ الثَمَن ، أمّا الشراء بالعكس و هو إعطاء الثَمَن وأخذ المُثمن ، تلك عقد وذاك عقد و تسمى بيع أو مبايعة و فيها طرفين ، طرف أصيل وهي الأمة أو الشعب ، و الطرف الوكيل و هو الحاكم ، العرب عَرِفت البيعة لأنها كانت قبائل ولديهم رؤساء ، وذلك الرئيس لابد أن يُعلَن له الطّاعة وذلك إما لأمورٍ تتواجد في الرئيس من كرامة و تدبير أو حنكة و شجاعة وإما يرثها من أبيه . البيعة فقهيًا تعني هو عقد وكالة مشروط ومؤقت بين الأصيل وبين الوكيل ، بين الحاكم و المحكوم ، وقد بُويع رسول الله ثلاث بيعات في زمانه ، الأولى تسمّى بيعة العقبة الأولى ، وهي بيعةٌ مصغرّةٌ لمّا كان ( ص ) في مكة وقد كانوا اثنا عشر رجلًا من أهل يثرب تسلّلُوا اليه ( ص ) وبايعوه على الإلتزام بالإسلام وبثّهِ في المدينة ، البيعة الثانية هي بيعة العقبة الكبرى و قد تسلّلَ فيها من أهل يثرب ما يقارب اثنان و سبعون من الرجال وإمرأتان ، فعاهدوا رسول الله أنه اذا هاجر الى المدينة سيحمونه ويحمون دينه و يحمون أصحابه ، أمّا البيعة الثالثة ، فهي بيعة الرضوان و فيها خرج ( ص ) في السنة السابعة للهجرة وقد كانوا ما يقارب الألف و ثلاث مئة على أقل تقدير ، بعض الروايات تقول أنهم كانوا ألف وست مئة من أصحابه مع سبعون من النياق قصده ، وكان قاصدًا الإعتمار منزوع السلاح .
الأمر الثاني هو الآثار المترتبة على تلك المبايعة ،أولًا الأثر النفسي ، وقد نزلت على إثر هذه المبايعة آيات في سورة الفتح و أهم آية هو قوله عزّ وجل ، " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا " و هو شيءٌ عظيم لأن نزول الوحي أنزل اليقين بأن عملهم كان مقبولًا ممّا أدخل الفرح و السرور . أصبحت تلك الشجرة التي بويع فيها ( ص ) مقدسة ، لأن كلّ شيٍ يستخدمه أو يمر عليه ( ص ) أو إذا أوقع شيء مهم فيه يصبح مقدسًا ، وقد صلى المسلمون تحت تلك الشجرة . أصبحت تلك البيعة وسامًا على من بايع ، وكان أول من بايع هو عليُّ بن أبي طالب
الأمر الثالث ، هو هل أنّ الرضوان شمل كل أعوان النبي و الذين يقدرّون بين ألف وثلاث مئة مُبايع وبين ألف وست مئة مُبايع و تلك تمثل نقطة حساسة في تاريخ المسلمين ، في الآية الكريمة بدأت ب " لقد " واللام لام التوكيد واذا دخلت على الماضي تفيد التاكيد أما اذا دخلت على المضارع تفيد التقليل ، هؤلاء كلهم مرضيٌ عنهم بحسب نص القرآن وهناك عدة أمور سننظر اليها ، أولًا قال المؤمنين ولم يقل غير المؤمنين وهذا عموم يخرج منه الخصوص ، و الخصوص هم المنافقون ، وقد ذكرهم القرآن في سورة المنافقون " إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون " ، " وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً " ، أخرج بلفظ المؤمنين المنافقين .
التعليقات (0)