في ليلة العشرون من شهر رمضان المبارك ، أكمل سماحة الشيخ الدكتور عبدالله الديهي حديثه بحسينية الحاج أحمد بن خميس عن علي و القدوة المثلى و الاتجاهات في قراءته ( ع ) ، حيث بدأ حديثه بآيات من سورة الأحزاب وحديث عن علي عليه السلام ، " الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا ، ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما " ، " إعلموا إن أجبتكم ركبت بكم ما اعلم ولم اصغِ لقول القائل وعتب العاتب " وقد قسم حديثه الى ثلاثة أمور .
الأمر الأول ، حينما نتحدث عن علي عليه السلام ، فإننا نمزج بين الجانب الإعجازي و السيرة الذاتية له عليه السلام ، لعلي كرامات ومن جملتها طيّ الأرض ويعترف بها كل المسلمين ، فما هي المبررات التي جعلتنا ننظر له بتلك الرؤية. المبرر الأول ، أن لعلي فضلين ، فضل ذاتي ، وهو اعتقادنا بأن علي من جملة الأشباح - الخمسة الأشباح - هؤلاء كانوا في عالم الأنوار ، كما تشير الزيارة الجامعة "فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقِينَ " ، وفضل سلوكي في عدله وفي صبره و في تقواه . المبرر الثاني ، القرآن الكريم حينما يعرض الى الأنبياء و الأولياء يتعرض الى جنبتين ، جانب إعجازي ، و جانب آخر يبين لنا صفات الأئمة وسيرتهم الذاتية . المبرر الثالث ، نحن مخلوقون إحساسيون ، لنا مشاعر و أحاسيس ، لمّا تنفعل تلك الاحساسات ، تتأثر بُغضًا أو كُرهًا ، حتّى القرآن الكريم يُشير الى أن التأثير يجب أن ينطلق من الحب ، فنحن نحبه لصفاتٍ ذاتية ، من رحمةٍ وعطفٍ وتواضعٍ وعلمٍ وحكمةٍ و حلمٍ مُرتبط بِالله ، وللجانب الإعجازي الذي يُجريه اللهُ فيه عليه السلام .المبرر الرابع ، أن الجانب الإعجازي دليلٌ على صِدْقهِ عليه السلام . أمّا المبرر الخامس ، كان عليًّا رائدًا في العلمِ والحلمِ والشجاعةِ ، كَما قال رسول الله " لا سيف الا ذو الفقار ولا فتىً الا علي " .
الأمر الثاني ، إِنقسامُ النّاس في علي عليه السلام ، فهناك غلاةٌ غّالوا في عليٍّ عليه السلام ، وحبُّوهُ حُبًّا مُطلقًا فّقاموا بِتأليهه عليه السلام ، لكنّ علي لم يكنْ يطيق الإطراء والتملّق حيثُ قال " نزهونا عن الربوبية وقولوا فينا ما شئتم " ، وكان يقولُ لأحدهم كان يرفعه الى مرتبة المعبود " أنا أقل ممّا تقول و أكثر مما تعتقد " . وهناك طرفٌ آخر على النقيض تمامًا ، بغضوا عليًّا عليه السلام أشدّ البغض وهم النّواصب ، هؤلاء بصيرتهم عمياء فهم يّبغضون العلمَ والرأفة و التقوى و العلم . وهناك أصحاب الجادةِ الوسطى والتي نَرجو أن نَسْلكها نحن ، عليٌّ عليه السلام كانَ عينَ الرأفة و كان يعفو عن الأعداءِ .
الأمر الثالث ، أن علي هو رائد اإصلاح ، وهو أول تجربة إصلاحية بعد رحلة الرسول ( ص ) ، هي تجربته عليه السلام في إصلاح للفرد ، وإصلاح للمجتمع ، و إصلاح للحكومة والحاكم ، كان عليه السلام محاربًا للفساد و محاربًا للتمييز . كانت فلسفة علي في إصلاح الأشياء الناقصة من خلال وجود الأخطاء من قبل الأفراد أو المجتمعات و وجود الإنحراف في الحاكم او في المؤسسات ، ولهذا كان يقوم عليه السلام بالمبادرة لما له من جرأة وشجاعة . من جملة الأحكام التي قام بها عليه السلام هو إبعاد الولاة عن الولايات التي تسلموها بغير حق ، والذين كانوا من المنحرفين و الذين كانوا من المحسوبين و الذين أخذوا من بيت المال ما يشائون وكيف يشائون ، و قام عليه السلام بمراقبتهم و قام بعقاب من لم يعمل بوظيفته . وقام ( ع ) بتطبيق العدل والمساواة في العطاء .
التعليقات (0)