إعتلى منبر حسينية الحاج أحمد بن خميس سماحة الشيخ إبراهيم الصفا وذلك في ليلة الرابع عشر من شهر رمضان لعام 1435هـ ، وتحت عنوان " الإرهاب الفكري .. الأسباب و النتائج " ، إبتدأ الصفا مجلسه بآيات من سورة غافر ، " قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " . آيات متعددة تحدّث فيها القرآن عن الرأي ، وعندما نتحدث عن الرأي نتعلم أن كل رأي هو حصيلة تفكير الإنسان ، علماء المنطق يعرّفون العملية التفكيرية بأنها عملية تمر بثلاث حركات ، الحركة الذاهبة ، الحركة الدائرة و الحركة الراجعة ، فالعقل هو مدار التفكر و التعقل ، كل عاقل عندما تعترضه مسألة ، أول أمر يقوم به يتوجه الفكر مباشرة الى المعلومات المختزنة ، ما دام الإنسان عاقلًا لابد أن يقوم العقل بالعملية الفكرية ، وما دام العقل يعمل لابد ان ينتج آرائًا ، هذا الآراء قد تتوافق مع الاخرين وقد تتقاطع مع الآخرين ، قد تشترك من جهة وتختلف من جهة ، وقد يكون الإنسان لا رأي له ، فلا يجوز مصادرة رأي الآخرين كما مارس فرعون سياسة الإرهاب الفكري بتعطيل آراء الناس ، ومصادرة آراهم وكبلها ، فصار الانسان تُبّع لآراء فرعون ، الإرهاب الفكري قد تمارسه حكومات وقد تمارسه مؤسسات و قد تمارسه أحزاب وتيارات ، حتى الأفراد في المجتمع و الآباء في حق أولادهم . ولذلك حمّل الشارع الشريف الإنسان المسؤولية ، كما كفلت المنظمات الحقوقية حرية الرأي . الإرهاب الفكري يمثل خطورة كبيرة لعدة أسباب :
السبب الأول ، الإنسان جبله الله على التفكير ، وصار معيار التفكير هو عنصر الفرق بين الإنسان والحيوان ، الإنسان حيوان ناطق ، ناطق يعني عاقل ومتفكر ، النفس الناطقية العاقلية التي تُدرك وتُبصر وتَفهم . عندما نمارس سياسة الإرهاب نحن نعطل رأي الإنسان ويكون الإنسان والحيوان على حد سواء ، الإسلام أعطى للانسان خيار وحمّله مسؤولية قراراته ، فمستوى الإدراك يختلف من انسان لآخر ويختلف عن ما هو عند الحيوان . السبب الثاني ، ما نشاهده من طفرة علمية جعلت بلدانًا في العالم تتميز عن بلدان أخرى ، فقُسّم العالم إلى قسمين ، بلدان متقدمّة وبلدان نامية - أي البلدان المتخلفة - ، هناك اختلافات في التطور العلمي و السياسي بين تلك البلدان ، فمصادرة آراء الإنسان تحول بين الإنسان وبين النتاج العلمي و النتاج المعرفي ، وهذا ما يفعله المجتمع الغربي من إستكبار ، والتضييق على الملفات النووية ، فكل تقدمٌ علمي في هذا الجانب محظور ، لكي تصير تلك البلدان رائدة وقائدة ، أما الدول النامية فتكون تابعة ليس إلا . لابد من فسح المجال للعلم ، لكي صبح لهذه البلدان ثقل و وزن ، ولا تجارى في مفاوضات سياسة .
السبب الثالث ، هوعندما نؤسس للإرهاب الفكري ، يدعونا ذلك لتقبّل النظريات و الأفكار المعلّبة والمستوردة ، ويعطّل العقل ايضًا . ولكن عندما يسرح العقل ، يصل الى النتاج المعرفي ، و يرعب الأنظمة والسياسات . غالبًا ما نجد العقول المهاجرة التي تنتج الكثير تحظى باحتضان غير مماثل لبلداننا ، ولهذا الإسلام يدعو الى عدم ممارسة الإرهاب الفكري . السبب الرابع هو أن الإرهاب الفكري يمنع الإبداع ، فالله جعل للعقل قدرات توصل الى نتائج إبداعية ، فكل ما نراه من بناء شاهق و ناطحات السحاب و اللوحات الإبداعية ، كلها وليدة من عقل الإنسان ، يجب علينا أن نطلق العنان لهذا العقل لكي نحصل على أروع النتائج ، والعكس صحيح ، فالأحمق دائمًا ما يذم لسوء تصرّفه بعقله . لا يخفى على أحد أن الأنظمة السّياسة تمارس الإرهاب الفكري و ذلك لتجهيل الأمّة . وفي الختام دعى سماحته الى التزود بالعلم للثبات على الموقف .
التعليقات (0)