شارك هذا الموضوع

الإسلام وفقه السجون

في ليلة التاسع من شهر رمضان المبارك لعام 1435 هـ ، إعتلى منبر حسينية الحاج أحمد بن خميس سماحة الشيخ إبراهيم الصفا ، حيث كان عنوان محاضرته " الإسلام وفقه السجون " ، إبتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة الشعراء  " قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ " . إن القرآن الكريم تحدث في الكثير من آياته عن أنواع العقوبات وبيّن أن العقوبة التي تشرع في الاسلام تارةَ تكون جزائية وتارة تكون أحكام وقائية ، فالحكم الجزائي يندرج فيه عقاب الزنا و عقاب السرقة . عندما يستخدم القرآن أسلوب " فاقتلوا " ، " فاجلدوا "  ، هذه الأحكام يدخل جزءٌ منها في الأحكام الجزائية نظرًا لسلوكيات الإنسان التي من خلالاها تجاوز حدود الله ، أما الأحكام الوقائة ، فتندرج فيها الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، وحكمه واجب في الشرع ، وهي أن تدرأ الفتنة في مدرأها ، و تمحو مظاهر الفساد في الدنيا ، فلمّا نقف في وجهها عندئذِ نستطيع أن نضمن مجتمعا طاهرَا نقيًّا زكيَّا يسري على جادة الأنبياء .



الأحكام الوقائية وعلى رأسها الأمر بالمعروف ، فعلى سبيل المثال لو نتعرض للآية الشريفة من سورة النور  ، " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم "  نجد أن الله حرم النظر للمرأة ، و حرّم َ الخلوة بالأجنبية ، و الإختلاط ، فجعلها كلها من المحرّمات درئًا ، لمفاسد أكبر منها ، ولهذا المجتمع الفاضل و المثالي ، معيارُ قوامهِ أن يكون مؤسسّا لقواعد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، وحين يكون في المجتمع من لا يتبع أحكام الله ، أقر الله عقوبات متعددة وأوكل جزءًا منها الى المشرّع بالعرض من خلال رسول الله ، فالنبي يملك أن يقرر وفق صلاحياته ، و أن يوجد أحكامًا وعقوبات ، فإن لم يوجد في الشرع عقوبة ، أوجد الله تعزيرًا ، وهو عقوبة يقرّها النبي أو الوصي أو الحاكم الشرعي بما يراه مناسبا مع حجم الخطيئة ، أمّا المشرع بالذات فهو الله سبحانه وتعالى والتي تاتي الأحكام منه .



من أنواع العقوبات المقرّة في شرع الله ، هي السجن ، والسجن في المنظار الإسلامي و الفلسفة الإسلامية ليس موضعًا للتنكيل ، والتعذيب ، و تحطيم قيم الإنسان .. الإسلام ينظر الى السجن محطةً لإصلاح سلوك الإنسان و إعادته وتأهيله ليخترط في المجتمع انسانًا صالحًا . و هنا تعرّض الشيخ لمقدمتين ، أولًا ، علم الفقه ،  و يعتب علم الفقه علمًا حاكمًا ، وكما ذكرنا في المحاضرات السابقة ، بأنه لا يوجد فصل من مفاصل الحياة و لا توجد قضية إلا ولها حكم ، فالفقه يلازم الانسان في كل صغيرةٍ وكبيرة ، وفي كل الأمور الفقهية و العقادية و السياسية و الإجتماعية ، فإن الفقه يتحرك معها . ثانيًا ، في ظل تطور الفقه و إيجاد عناصر النخصص العلمي بدأ يبرز لنا في الحياة العلمية " فقه موضوعي " وهو على غرر التفسير الموضوعي مثل فقه الصناديق الخيرية ، فقه الطب ، فقه الحياة الجامعية . ويكون من خلال جمع كل المسائل المتعلقه بموضوع واحد وتقدّم في كرّاسٍ واحد  ، ومن ضمن ما تعرّض لهُ الفقهُ الموضوعيُّ ، فقه حقوقِ السجناء  .


 
أقر الإسلام العديد من الحقوق الثابته للسجناء ومجموعة من القواعد الأساسية في حق السجين . أول حق تكفّلَ بِه الشرعُ ، حقّ الضّمان والتعويض للسجناء ، فالمسجون على حقين ، أولًا ثبوت البينّة عليه ، ثانيًا ، اذا انكشف أنه سجن ظلمًا فعلى الشهود الضمان ادا كان كسبيًا ، فيجب أن يضمنوا له من أجر فوتت عليه أثناء فترة سجنه ، وادا كان الإشتباه من القاضي - المشهور لا يجوز له أن يحكم بعلمه - فإذا كان مقصرًا يجب عليه الضمان و إذا كان قضى من خلال القنوات الشرعية من غير تفريط و قد كان مشتبهًا فيدفع له من المال العام .. يجب أن يقوم القضاء من خلال الأَيْمان والبينات كما ان يفعل رسول الله (ص) . ثاني حق هو عبارة عن حق حضور صلاة الجمعة والعيدين ، وهذا ينسجم مع الحقوق الدينية أما الحق الثالث فهو الرفاهية ،كما كان يفعل الإمام علي عليه السلام حينمت كان يأمر بأن يُخرجوا السجناء ليلًا  كي يتفرجون وينفسون عن أنفسهم و يشمون الهواء الصافي . من حقوق السجناء أيضًا ،  توفير لهم ما يناسبهم من ألبسة صيفية و شتوية .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع