في الليلة السابعه من ليالي شهر رمضان المبارك لعام 1435 هـ ، تابع الشيخ إبراهيم الصفا سلسلة محاضراته بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، وتحت عنوان " شبابنا و مظاهر الثبات " ، إبتدأ الشيخ بآيات من سورة فصلت ، " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون " ، القرآن الكريم تحدث في الكثير من آياته عن احوال المؤمنين و صفاتهم و أبرز صفاتهم هي الثبات ، وتأتي صفة الثبات على راس الصفات . فالمؤمن الصادق في إيمانه لا يمكن ان يكون انسانًا متقلبًا او انسانًا مترددًا أو أن يكون انسانًا ضعيفًا في مواقفه .
الإيمان يساوي الثبات على العقيدة ، الثبات على القيم ، الثبات على المبادئ و على أسس التوحيد ، الثبات على نيل مراتب الشهادة و على الدفاع عن القيم ، لابد أن يعيش المؤمن حالة الصمود التي تلازم الإيمان فالقران الكريم عندما أراد تبيان هذه الحقيقة و التلازم بين الايمان و الثبات ، ضرب نموذجًا ايماني وهي أمرأة ، إنها آسيا بنت مزاحم ، إمراة فرعون . " وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين " ، عندما نتأمل معها فقد خُيَّرت بين أمرين ، بين الدنيا و بهجتها وبين الويل و العذاب فهي امراة جسدت الثبات ، عينها على الله لا على الدنيا .
صاحب هذه الليلة وهو نموذجًا في الثبات أيضًا ، وهو أبو طالب ، هذه الشخصية الايمانية كان من الاوائل في الدخول للاسلام وقد تعرضوا للويلات و العذابات ، ومع موقع ابو طالب الإجتماعي إلا أنه اختار أن يكون مع النبي ، فكم من الظلم اللذي لحق بهذا الرجل العظيم ! ، فهناك العديد من الروايات التي ظلمت علي بن أبي طالب عليه السلام و التي إمتدت لأبيه ، وقد دافع أهل البيت عن أبي طالب من عدة جوانب . أولًا الدفاع عن كفره فعن زين العابدين عليه السلام عندما قال " ويحهم أطعنوا في أبي طالب أم في النبي "
. ثانيًا الدفاع عن دعوة أن أبو طالب في النّار ، وقد تصدّى لها الإمام علي بن ابي طالب عندما قال له
أحدهم " أبوك معذبٌ في النار " فغضب عليه و قال له " فضَّ الله فاك "
شخصية أبو طالب فريدة من نوعها و ينبغي للشباب و الكهول والشيوخ أن يستلهموا منه ، و الوقوف حول بعض النقاط الأساسية حول عناصر الثبات ومنشأها من خلال شخصيه أبي طالب عليه السلام ، أول عنصر من عناصر الثبات والقوة ، وجود القدوة الصالحة ، فعند وجود القدوة التي يسير الإنسان على نهجها ، فإنها تغرس في نفسه القيم الراسخة والدروس القوية وتعلّمُه الثبات كما تعلّم ابو طالب من النبي واستلهم دروسًا منه ، كان رسول الله يتميز بالصلابة و القوة ويده الضاربة على الكافرين . أمَا العنصر الثاني فهو البناء العقادئي ، أبو طالب لم يقف مع النبي تلك الوقفة لحميةٍ قبلية بل كان يتعامل مع النبي على أنه نبي الله ، فالبناء العقائدي يوجد لنا ثبات وقوة .
التعليقات (0)