ﻻ يخفى أن الفقهاء قد اتّفقت كلمتهم في مدوّناتهم الفقهية ورسائلهم العملية على عنوان عريض هو (الحرج الرافع للتكليف الشرعي) بمعنى أن المرء معذور أمام ربِّه في أداء الواجبات التي يعتريها الحرج غير المحتمل..
وبالرغم من ذلك كله أصرّت فئة واسعة من المجتمع وهم ذوو الإحتياجات الخاصة، إﻻّ أن يواسوا سيّدَهم صاحبَ الزمان(عجّل الله فرجه الشريف) بمصاب جدِّه الحسين(عليه السلام) وآله الكرام وصحبه العظام، من خلال المسير نحو كربلاء الشهادة، بمشهدٍ أقلّ ما يُقال بحقه أنه: عنوان الوفاء لتلكم الدماء الطاهرة والمسيرة الزينبية الخالدة..
وﻻ يملك المرء إﻻّ أن ينحني أمام هذا المشهد، إجلاﻻً وإكباراً، حيث تعجز اﻷلسن وتكلّ اﻷقلام عن إيفائه ما يستحق من الوصف.. خاصة أن هناك مِن هؤلاء مَن فَقَدَ أطرافاً أو أعضاءً بفعل الإرهاب التكفيري المستند لعقيدة بني أمية قتلة المعصومين(عليهم السلام)، ومن هنا نعلم بأن شعار (لو قطّعوا أرجلنا واليدين نأتيك زحفاً سيدي يا حسين) ليس مجرد عبارة سطّرها شاعرٌ عراقيٌ موالٍ ردّاً على قرارات الحاكم العباسي المتوكّل عام 236هـ (850م) الذي كان يقطع الأيدي والأرجل ضريبةً على من يزور الإمام الحسين(عليه السلام).
فذلك الشعرُ ليس كلاماً عابراً فحسب، بل هو حقيقة متجلّية ماثلة للعيان على طريق الطف، ومَنْ لم يصدّقْ فما عليه سوى أن يتوجّه صوب كربلاء الإباء في هذه الأيام موسم الزيارة الأربعينية، وليرَ بأمِّ عينيه مشاركة هذه الفئة الهامة في المجتمع....
يُذكر أن الحاكم العباسي المتوكّل فرض العقوبة والقتل على زائري الإمام الحسين(عليه السلام) -تاريخ كربلاء وحائر الحسين/ الدكتورعبد الجواد بن علي الكليدار: ص203، ودراسات حول كربلاء ودورها الحضاري:ص 628- وهي قطع يد الزائر للمرّة الأولى، ورجله للمرّة الثانية للزيارة، وذلك لخوفه –كما هو حال كل طغاة العصر- من تواصل المؤمنين مع الإمام الحسين(عليه السلام) كونه أبا الأحرار وملهم الثوار، ومؤسس النهضات ضد الظلم في العالم، وكان من أبرز سمات هذا التواصل زيارة قبره الشريف في كربلاء، واستلهام معاني التضحية والفداء والشجاعة والثبات على الحق بوجه الباطل الذي يمثّله هؤلاء الطغاة.
المصدرك موقع الكفيل - العتبة العباسية
التعليقات (0)