اختار الشيخ علي البني أن يبدأ بقول الله عز وجل (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) قبل أن ينطلق في بحثه الذي قسمه لمحورين ، الأول بحث فيه روايات أهل البيت عليهم السلام التي تحدثت عن أخلاق النبي عليه السلام ، فقال أن أخلاق النبي (ص) التي تحدثت عنها تلك الروايات يمكن تقسيم لقسمين ، القسم الأول هي أخلاقه مع البشرية والقسم الثاني هي أخلاقه مع رب العزة والجلالة ، لكنه وقبل أن يسيق تلك الروايات طرح تساؤلاً حول حكمة ذكر هذه الروايات وأجاب أن بهذه الروايات يستطيع الناس تطبيق الآية المباركة (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ، ثمَّ ذكر الشيخ البني الأخلاق التي ينبغي أن يكون عليها الإنسان في المجتمع وهي نفس ما كان محمد صلى الله عليه وآله يطبقها ، حيث قال صادق أهل البيت عليه السلام (فاجعل الكبير بمنزلة أبيك والصغير بمنزلة ابنك ورفدك بمنزلة أخيك فأي هؤلاء تحب أن تظلم وأي هؤلاء تحب أن تهتك ستره وأي هؤلاء تحب أن تدعو عليه) وشرح الشيخ البني المقصود من هذه الرواية بقوله أنه يجب أن يجعل الإنسان البشرية التي حوله بمقام أقرباءه ونسبه ، وبذلك تقع حقوق أهله على هؤلاء إلا ما لم يثبت بالدليل ، وهكذا كان رسول الله فهو كان يكرم على فاطمة عليها السلام ويكرم على المجتمع ، وكان يحب علياً عليه السلام ويحنو عليه ويحن على المجتمع أيضاً ولذلك نزلت الآية المباركة فيه (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) وفي وصف آخر لأخلاق النبي ساق الشيخ علي عليه السلام رواية قال فيها "كَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ كَفًّا ، وَأَجْرَأَ النَّاسِ صَدْرًا ، وَأَصْدَقَ النَّاسِ لَهْجَةً وَأَوْفَاهُمْ بِذِمَّةٍ ، وَأَلْيَنَهُمْ عَرِيكَةً ، وَأَكْرَمَهُمْ عَشِيرَةً ، مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ ، وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ ، يَقُولُ نَاعِتُهُ : لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ مِثْلَهُ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ" ، أما في ما يخص أخلاقه بالباري عز وجل فكانت عبادته عبادة الشاكرين ولم يكن متعلقاً بالدنيا أبداً ، أما المحور الآخر فكان مختصره أنه بقدر ما تعرف رسول الله صلى الله عليه وآله وأخلاقه فإنك تعرف أخلاق من شُبِّه به ، وفاطمة عليها السلام وعلي بن الحسين الأكبر عليه السلام كانا أشبه الناس خُلُقاً بل وخَلقاً بالنبي صلى الله عليه وآله بشهادة الإمام علي عليه السلام وشهادة الإمام الحسين عليه السلام الذي قال في كربلاء "اللهم اشهد أنه قد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك ، وكنا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه".
التعليقات (0)