تحدث الشيخ علي البني عن الحقيقة المهدوية في ليلة الثاني من المحرم ، وافتتح مجلسه بقول ورد عن النبي الأعظم (ص) أنه قال: (المهدي منا أهل البيت يصلح الله أمره في ليلة) ، وقبل أن يدخل الشيخ علي في محوري البحث - الذين هما : قراءة في النص الروائي المتضمن لفظة المهدي أولاً ، ووقفة على بيان الحقيقة المهدوية ثانياً - قال أن روايات أهل البيت عليهم السلام حين عرفت الإمام الثاني عشر للبشرية عرفوه بأنه المهدي وربطوا الحقيقة المهدوية به.
في المحور الأول قال الشيخ علي البني أن الروايات التي تتحدث عن الحقيقة المهدوية ترتكز على ركيزتين الأولى أن الثقافة المهدوية راكزة في أذهان المسلمين من بداية الإسلام ، والركيزة الثانية هي أن أهل البيت دحرجوا الحقيقة المهدوية دحرجةً وجرُّوها جراً نحوهم ، فركزوا في كلامهم أن المهدي منهم ، وعلى الركيزتين ذكر الشيخ علي مثالاً فقال في الأولى أن المسيب قال: تذاكرنا عند أم سلمة المهدي فقالت أم سلمة: سمعت رسول الله (ص) يقول: المهدي من عترتي ومن وُلدِ فاطِمة. أما الركيزة الثانية فقد دلل لها الشيخ البني بالرواية التي تقول أنه لما مرض رسول الله مرضه الذي توفي فيه دخلت عليه فاطمة فلما رأته بكت فأراد النبي أن يسلي قلبها ويرفع روعة نفسها فقال لها : بني فاطمة إنا أهل بيت أعطينا خصالا لم يعطها أحد من الأولين قبلنا ولا يدركها أحد من الآخرين بعدها ، منا أفضل الأنبياء وهو أبوك ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمك ومنا من له جناحان يطير بهما مع الملائكة حيث يشاء وهو جعفر ابن عمك ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك ، ثم انعطف وقال والذي نفسي بيده منا مهدي هذه الأمة وهو من ولدك يا فاطمة.
أما في المحور الآخر فطرح الشيخ علي تساؤلاً مفاده ، لِمَ لُقِّب الإمام محمد بن الحسن بالمهدي دون غيره ، ألم يكن الإمام الصادق مهدياً مثلاً ، وقبل أن يجيب الشيخ على هذا التساؤل أشار إلى لفتة قرآنية وهي أنه لما أراد تعريف أهل البيت لم يعرفهم بشخصهم بل بميزاتهم وصفاتهم حيث قال (وجعلناهم أئمةً يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) ، وأضاف البني أن هذه الصفات هي مرآة كاشفة لبعد غيبي موجودة عند الأئمة ، وأهل البيت عرفوا الإمام الثاني عشر بطريقة القرآن فوصفوه بالمهدي ، وللوقوف على حقيقة المهدوية نقل الشيخ علي كلام صاحب الميزان الذي يقول: طلاق الفعل لا يدل إلا على التلبس بخلاف المعنى الوصفي فإنه يدل على صيرورة ذلك التلبس واستقراره بحيث أنه أصبح ملكة راسخة في النفس ، ثم بيَّن الشيخ علي المقصود من هذا الكلام بقوله أن هناك فرقاً بين قولنا أن هذا الإنسان قد أكرم وأن نقول أنه كريم ، فعندما نقول أنه أكرم فهذا يدل على أن الفعل صدر لكن ليس لوقت طويل ، أما عندما نقول كريم ، هذا يدل على أن الصفة متكررة ، وكذلك الكلام على صفة المهدي ، فصفة الهداية هي مَلَكَة راسخة في الإمام محمد بن الحسن ، وليزيل الشيخ علي الشكوك في عدم تلقيب الأئمة بالـ"المهدي" ، قال الشيخ علي أن هناك ثلاث حقائق ميزت الإمام المهدي ، أولاً الإصلاح الشامل حيث أنه حتى المنافق يكون ذليلاً في زمنه وهذا ما لم يحدث في زمن الأئمة الباقين ، وثانياً عامل الزمن ليس له قيمة حيث أن الإمام يصلح أمره في ليلة واحدة كما تقدم الحديث ، وثالثاً هداية الإمام هي هداية خفية.
التعليقات (0)