شارك هذا الموضوع

منهج النقل للرواية العاشورائية - ليلة الحادي من شهر محرم الحرام 1435هـ

استهل الشيخ علي البني الحديث في أول ليلة من شهر محرم الحرام برواية نَصُّها: عن الريان بن شبيب قال دخلت على الإمام الرضا (ع) في أول يوم من المحرم فقال يا ابن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نسائه وانتهبوا ثقله فلا غفر الله لهم ذلك أبدا ، واختار عنوان بحثه ليكون (منهج النقل للرواية العاشورائية). عرَّف الشيخ علي البني في بداية كلامه الرواية فقال أنه الخبر الذي ينقل الأحداث الجارية في الزمن الغابر ، وما كربلاء وما جرى على الحسين فيها إلا أحداث وصلت لنا عن طريق الروايات ، وإن الرواية التي ابتدأ بها الشيخ حديثه ما هي إلا إحدى الصور المصغرة عن ملحمة كربلاء ، ثم قال البني أن المشكلة ليست في طريقة النقل (الرواية) وإنما في ما وصل حيث أنه لا يوجد أحد من علماء الشيعة يجزم بصحة كل الروايات التي وصلت لنا عن كربلاء ، وبمعنى آخر ذكر الشيخ علي أننا أمام موروث عاشورائي بعضه صحيح وآخر محل تأمل ، وهنا استغل الشيخ الحديث ليطرح سؤال البحث الذي يقول : ما هي الضابطة التي ينبغي تطبيقها على الروايات العاشورائية لنقبل بها ؟ لكنه قبل أن يجيب على هذا السؤال احتاج لطرح أمرين أولهما أن الروايات تكون إما منقولة بصريحها عن المعصوم أو تكون بلسان حاله ، أما الأمر الثاني فإن الروايات تتعدد في طرحها فهناك روايات فقهية وأخرى عقائدية وهناك تاريخية. ودخل الشيخ بعد ذاك في صلب الحديث وقال بصريح العبارة "من الظلم الواضح البين لروايات كربلاء أن تلك الروايات طُبِّق عليها المنهج الفقهي والعقائدي"، وذكر الشيخ البني إحدى الروايات الفقهية ليستبين الفرق بين الروايات التاريخية وغيرها وليبين الفرق بين الضابطة التي تحكم الرواية التاريخية من غيرها ، ووضح الشيخ أن الفقهاء يضعون مبنيين الوثاقة والوثوق ، والوثاقة تعني أن كل رواتها ثقات أما الوثوق فذلك يعني وجود قرائن في الرواية تدلل وتوثق صدور الرواية عن المعصوم. أما ما يخص الروايات التاريخية فقد وضع العلماء ضابطة أخرى لها حيث قالوا أنها أخف الروايات من ناحية التشدد في القبول ، حيث يكفي أن يكون المصدر معتبراً للرواية وصاحب المصدر لم يعتمد التزييف والكذب حتى ولو كانت رواية ضعيفة. واستدرك الشيخ كلامه ليقول أن هذه الضابطة تجري على الروايات المنقولة عن لسان المعصوم صراحة، أما ما يخص الروايات التي تكون بلسان الحال فقد أجازها العلماء ما لم يقصد فيها نسبة الكلام للإمام عليه السلام ، وقد اعتمد العلماء هذا الجواز من خلال القرآن حيث وجدوا بعض الآيات التي لا يمكن لها إلا أن تكون مؤسسة على لسان الحال ، كما الآية المباركة (وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) ، ذكر الشيخ أن الكلام في هذه الآية وقع على أن النبي من المحال أن يقول هذا الكلام وإنما فعله فِعلُ من يظن أن الله لا يقدر عليه. وفي خاتمة البحث ذكر البني ثمرات البحث وهي ثلاث ، أولها أنه يجب الحفاظ على الموروث الشيعي وأكد على أن لا أحد من العلماء يقول بصحة كل الروايات المنقولة لنا ، وثاني الثمار هي أنه من غير المنصف تطبيق الضوابط الفقهية أو العقائدية على الروايات التاريخية إلا إن كان فيها مساس بالفقه أو العقيدة ، وثالث ثمرة وهي الأخيرة أن لسان الحال موجود في شعرنا وأدبنا وهذا أنتج لنا أدباً راقياً يرثي الحسين (ع).

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع