نستطيع القول بكل تأكيد أنَّ الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، قد قامَ بعملية الإعداد الرسالي (التربوي والفكري) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) منذ صدع بالوحي، وكان صلوات الله عليه يضع الخطوات العملية من أجل بلوغ الغاية المتوخاة من ذلك، وهي تولّي عليّ للمهمة القيادية (الاجتماعية والسياسية) بعده مباشرةً.
ويظهر لنا من سير الأحداث، وما تناقلته كتبُ السيرة والتواريخ، وما نقله الرواة الثقات، أنَّ ذلك تمَّ عن طريقين: الأول: تعهد الرسول القائد (صلى الله عليه وآله) نفسه بكفالة عليّ (عليه السلام) منذ صغره، وتولّي تربيته ورعايته، والحرص البالغ على أن لا يفارقه إلاّ لضرورة.
والثاني: إفراد عليّ (عليه السلام) من بين سائر الصحابة بمقامات وعلوم ومواقف ترتبط بوجود الإسلام وبمستقبله. فأما أولاً: فإنَّ كتب السيرة والرواية قد تكفلت ببيان تفصيلات وافية في هذا الصدد، حتى أن أمر تعهد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) لعلي بكفالته منذ صغره، وتربيته في بيته من أوضح ما تزخر به سيرته الشريفة(1)، ويكفي أن نوردَ ما بيّنه الإمام عليّ (عليه السلام) نفسه في خطبته الشهيرة بالقاصعة إذ يقول: (وقد علمتم موضعي من رسول الله (صلىالله عليه وآله) بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حِجره وأنا وَلدٌ، يضمّني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويُمسُّني جسده، ويُشِمني عَرْفَه. وكان يمضغ الشيء ثمّ يُلقمنيه، وما وجَدَ لي كذبةً في قولٍ، ولا خطلةً في فعلٍ... ولقد كنتُ أتّبعهُ اتّباعَ الفصيل اثرَ اُمِه، يرفع لي في كل يومٍ من أخلاقه عَلَماً، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاورُ في كل سنةٍ بحراء فأراه ولا يراه غيري. ولم يجمع بيتٌ واحد يومئذ في الإسلام غيرَ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجةَ وأنا، أرى نور الوحي والرسالة وأشمُّ ريح النبوة...)(2).
إنَّ هذه الصورة التي ينقلها لنا الإمام عليّ (عليه السلام) نفسه عن كيفية وطريقة التعامل التي كان يتبعها النبي معه، تكشف لنا عن حقيقة وأبعاد الهدف الأعظم من ذلك. إنَّ هذه التربية المخصوصة لعليّ (عليه السلام)، والرعاية الفائقة، والحرص على أن يكون عليٌّ قريباً جداً من أنوار الوحي، وأن يكون متعرضاً لنفحات النبوة، وأن يكون ثالث ثلاثة في بيت الرسول القائد حيث مهبط الوحي، فيتلقى في هذا المكان المشرف الدروس الأولى، والتوجيهات النبوية المباشرة، فينعكس ذلك على تكوينه الفكري والعقيدي (فلا يسجد لصنم قط)(3) ولا يخالط عقله لحظة شرك، وينعكس على سلوكه (فلا كذبة في قول، ولا خطلة في فعل...) إنَّ هذا ليكشف عن إعدادٍ تربوي خاص بلا أدنى شك. ومما يلاحظ في هذا الصدد أن تعهد الرسول القائد (صلى الله عليه وآله) لعليٍّ بالرعاية والعناية الخاصتين لم يقتصر على فترة الطفولة والصبا، ولم يتوقف عند مرحلةٍ معينة لأننا نجدُ أن الرسول القائد كان حريصاً على أن يكون عليٌّ إلى جانبه دائماً لا يفارقه ليلاً ولا نهاراً، كما ورد عن عليّ (عليه السلام) قال: (كان لي مع النبي (صلى الله عليه وآله) مدخلان، مدخل بالليل، ومدخل بالنهار...)(4) بل نجد الرسول القائد لا يفارق عليّاً ولا يتركه إلاّ لضرورةٍ تتصل بحفظ حياة الرسول نفسه أو بحفظ الدعوة الإسلامية وحمايتها من أخطار محتملة.
ونذكر على كلِّ حالةٍ مثالاً واحداً، لتأكيد المطلب. أ - المورد الأول الذي يتصل بحفظ حياة الرسول القائد نفسه، وهو عندما تركَ رسولُ الله عليّاً ليبيت في فراشه ليلة هجرته(5) المباركة إلى المدينة، إيهاماً لقريش المترصدين، وإنجاءً لنفسه صلوات الله عليه وآله وسلم من مؤامرتهم لقتله(6). وقد نزل في ذلك قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ...)(7) كما ذكره الفخر الرازي(8).
ب - المورد الآخر الذي يتصل بحفظ الرسالة وحمايتها؛ وهو عندما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يخرج إلى بعض مغازيه ـ قيل تبوك ـ ترك علياً في المدينة خليفةً(9) عنه، لأنَّ ابن أُبيّ بن سلول رأس المنافقين كان قد تخلف في المدينة، فاقتضى الموقف أن يُترك عليٌّ لمواجهة أي تطور غير محسوب قد يهدد دولة الرسول القائد في المدينة، ذكر الطبري: (أنه لما سارَ رسول الله إلى تبوك تخلّف عنه عبد الله بن أُبيّ فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب، وكان عبد الله بن أُبيّ أخا بني عوف بن الخزرج، وعبد الله بن نَبْتَل أخا بني عمرو بن عوف، ورفاعة بن زيد بن التابوت أخا بني قينقاع، وكانوا ـ أي المذكورون ـ من عظماء المنافقين، وكانوا ممن يكيد الإسلامَ وأهله.
قال الطبري: وفيهم ـ فيما حَدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عن ابن اسحاق، عن عمرو بن عبيد عن الحسن البصري ـ أنزل الله تعالى: (لَقَدِ ابتَغَوُاْ الفِتْنَةَ مِن قَبلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ...)(10)... وهنا أدرك المنافقون أنَّ بقاء عليٍّ في المدينة سيفوّت الفرصة عليهم، قال الطبري في تتمة الخبر: (فأرحف المنافقون بعلي بن أبي طالب، وقالوا: ما خلّفه إلاّ استثقالاً له وتخففاً منه. فلما قال ذلك المنافقون، أخذ عليٌّ سلاحه ثمّ خرج حتى أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو بالجُرف ـ موضع على مسافة من المدينة ـ فقال: يا نبي الله؛ زعم المنافقون أنّك إنما خلفتني؛ أنّك استثقلتني وتخففت مني!! فقال: كذبوا، ولكني إنما خلفتك لما ورائي... أفلا ترضى أن تكون مني ـ يا عليّ ـ بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبيَّ بعدي!!، فرجع عليٌّ إلى المدينة ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) على سفره)(11).
وقد نقل البخاري(12) ومسلم(13) حديث المنزلة هذا، وفي الرواية عن سعد بن أبي وقاص: قال: خلّف رسولُ الله عليّاً ـ في بعض مغازيه ـ في المدينة، فقال عليٌّ: يا رسول الله قد خلفتني مع النساء والصبيان؛ فسمعت رسول الله يقول: (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبوةَ بعدي...)(14) ومن الأمور الملفتة للنظر أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) كان يعبّرُ عن تلهفه وهواجسه عندما يغيب عنه عليٌّ (عليه السلام)، ويتطلع الى رؤيته والاطمئنان عليه، فعن أمّ عطية على ما أخرجه ابن كثير(15) وحسّنه، قالت: بعثَ النبيُّ (صلى الله عليه وآله) جيشاً، وفيهم عليٌّ. قالت: فسمعتُ النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: (اللهمَّ لا تمتني حتى تريني عليّاً)(16).
ويصلُ الأمر أحياناً إلى أنَّ النبي (صلى الله عليه وآله) عندما يُخصُّ بأكلةٍ لا يطيق أن يأكلها لوحده، ثمّ هو لا يكتفي بان يدعو الله إلى أن يشاركه عليٌّ بتلك الأكلة، بل يجعلها مناسبةً لبيان مقام علي (عليه السلام) ومنزلته، فعن أنس بن مالك قال: (كان عند النبي طيرٌ ـ وفي بعض الروايات طائر مشوي ـ(17) فقال (صلى الله عليه وآله): (اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء عليٌّ فأكل معه...)(18). ومن الملفت للنظر أن بعض الروايات تنقل أن محاولة جرت لصرف عليّ عند مجيئه الى بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) بعد دعوته تلك، ولكنها فشلت بتدخل الرسول نفسه على ما نقله ابن كثير(19).
ويستفاد من هذه الرواية ـ كما هو ظاهر ـ أن النبي (صلى الله عليه وآله) أراد أن يُرسّخ ويؤكد أنَّ علياً هو أحب الخلق إلى الله تعالى أيضاً(20). كل ذلك يدلُّ بما لا يدعُ مجالاً للشك على أنَّ التربية التي خصَّ بها نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) علياً، كانت تهدف الى إعداده وتهيئته لمسؤولية قيادة الدعوة، وليس لمجرد أن يكون أحد أركانها وكوادرها الأساسية. إذ وجدنا الرسول القائد يتعهد جمعاً من صحابته بالتربية والتثقيف والرعاية، ولكن ليس بمثل المستوى والطريقة والأسلوب والعناية التي اتبعت مع عليٍّ، مما يكشف أن المسؤولية المنوطة بعليّ هي أكبر بكثير من مسؤولية الآخرين.
أما الأسلوب الثاني: وهو افرادُ عليٍّ، واختصاصه بالعلوم، وخاصةً القرآنية، وبالمواقف الحاسمة في تاريخ الرسول والرسالة، وتثقيفه تثقيفاً مركّزاً بأحكام الشريعة؛ فإنّ هناك شواهد كثيرة، وادلةٌ وفيرةٌ عليه، ومن يراجع كتب الحديث والسيرة والتواريخ(21) يظفر بالكثير جداً.
ونذكر أمثلةً وشواهد عليه تنثبيتاً للمطلب: لقد تولّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنفسه، وبأمرٍ إلهي مهمة الإعداد الفكري والعلمي لعليٍّ، وتزويده دون سواه بالمعرفة القرآنية الشاملة، وباُصول العلوم وينابيعها، وبالحكمة وآدابها، وبتفهيم أحكام الشريعة حلالها وحرامها. جاء عن عليٍّ (عليه السلام) قوله: (علمني رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) ألف باب من العلم، يفتح لي من كل باب ألف باب ...)(22). وكان عليٌّ (عليه السلام) تارةً يبادر هو بالحصول على المعارف والعلوم والأحكام من الرسول الأعظم، وتارةً يبادر الرسول (صلى الله عليه وآله) نفسه بذلك؛ قال عليٌّ (عليه السلام): (كنت إذا سألتُ النبي (صلى الله عليه وآله) أعطاني، وإذا سكتُّ ابتدأني..)(23). ثمّ قال مرةً: (إنَّ الله وهبَ لي لساناً سؤولاً، وقلباً عقولاً...)(24) وفي حديث طويل تحدث الإمام عليّ (عليه السلام) في هذا الصدد قائلاً: (ما نَزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آيةٌ إلاّ أقرأنيها وأملاها عليَّ فكتبتها بخطي، وعلمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصّها وعامّها، ودعا الله لي أن يعطيني فهمها وحفظها فما نسيتُ آية من كتاب الله تعالى، وعلماً أملاه عليَّ وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك رسول الله علماً علّمه الله من حلال ولا حرام، ولا أمرٍ ولا نهي كان أو يكون.. إلاّ علمنيه وحفظته، ولم أنسَ حرفاً واحداً منه...)(25).
وقد أورد السيوطي أن مُعَمر روى عن وهب عن أبي الطفيل قال: شهدتُ عليّاً يخطب وهو يقول: سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء إلاّ أحدثكم به، وسلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية إلاّ وأنا أعلمُ أبليلٍ نزلت أم في نهار أم في سهل أم في جبلٍ...)(26).
قال السيوطي: (إنَّ أحداً من الصحابة لم يجرؤ على أن يقول سلوني غير عليّ...)(27). وكل ما تحدث به عليٌّ، ونقله لنا التاريخ نقلاً أميناً، شهد به أجلاء الصحابة وأقرَّ به علماؤهم وكبارهم؛ فقد أخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود أنه قال: (إنَّ القرآن أُنزل على سبعة أحرف، ما منها حرفٌ إلاّ وله ظهرٌ وبطن، وإنَّ عليّ بن أبي طالب عنده من الظاهر والباطن...)(28). وجاء عن ابن عباس أنه قال: (والله لقد أُعطي عليُّ بن أبي طالب تسعة أعشار العلم)(29)، وورد عنه أيضاً قوله: (كنا نتحدث أنَّ النبي (صلى الله عليه وآله) عهد إلى عليٍّ سبعين عهداً، لم يعهد إلى غيره)(30). وعملياً كان عليٌّ مرجع الصحابة في كل ما يعترضهم من المسائل العلمية والمشاكل الإدارية، والمعضلات القضائية. فلقد ثبتَ عن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب أنه قال: (لولا عليٌّ لهلك عمر)(31)، وأنه كان يقول: (أعوذ بالله من معضلةٍ، ولا أبو حسن لها...)(32)، وثبتَ عنه أنه قال: (أقضانا عليّ...)(33). والقضاء يعني العِلم بكل أحكام الشرع. |
الهوامش 1- السيرة النبوية: ابن هشام، ج 1 ص 246، تحقيق مصطفى السقا وآخرون. 2- نهج البلاغة: ضبط الدكتور صبحي الصالح خطبة 192 ص 300 و301. 3- مناقب أمير المؤمنين، ج 2 ص 540 حديث رقم 1045 عن ابي سعيد الخدري، وراجع الروض الآنف السهيلي ج 3 ص 16 أول من صلى عليّ، الهامش (1) قال: وإليه ذهب سلمان وخباب وجابر وأبو سعيد كذا في الطبراني. 4- السنن الكبرى: الخصائص، النسائي ج 5 ص 141 ح 8502. 5- سيرة ابن هشام: ج 2 ص 95. مطبعة الحجازي القاهرة 1937. 6- المصدر السابق. 7- سورة البقرة: الآية 207. 8- التفسير الكبير: ج 5 ص 204 ـ نشر دار الكتب العلمية ـ طهران ط 3. 9- صحيح الترمذي: ج 5 ص 596 ـ مطبعة دار الفكر ـ تحقيق كمال الحوت. 10- سورة التوبة: الآية 48. 11- تاريخ الطبري ج 2 ص 182 و 183؛ البداية والنهاية ابن كثير ج 7 ص 340 وما بعدها. 12- راجع التاج الجامع للأصول، الشيخ ناصف ج 3 ص 332 قال: رواه الشيخان والترمذي. 13- صحيح مسلم ج 4 ص 1873. 14- صحيح الترمذي: 5 ص 596. 15- البداية والنهاية: ابن كثير ج 7 ص 357. 16- التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول الشيخ منصور عليّ ناصف ج 3 ص 334 دار احياء الكتب العربية ـ طبعة باموق استانبول ط 3، 1961. 17- البداية والنهاية: ج 7 ص 351. 18- التاج الجامع للأصول: السابق ج 3 ص 336. 19- البداية والنهاية: ص 351 و 352. 20- غاية المأمول شرح التاج الجامع للأصول: ج 3 ص 336، الهامش(6). قال عن الحديث (وفيه أنَّ علياً رضي الله عنه أحب الخلق إلى الله تعالى). 21- راجع مختصر تاريخ ابن عساكر: لابن منظور ج 17 ص 356 وما بعدها، ج 18 إلى ص 51. 22- الارشاد: الشيخ المفيد، رواية عن عبد الله بن مسعود ص 22. 23- التاج الجامع للأصول: ج 3 ص 335، تاريخ الخلفاء السيوطي ص 170، الصواعق المحرقة ابن حجر ص 126 و 127. 24- الاتقان: السيوطي ج 4 ص 234. 25- نهج البلاغة: خطبة 210 ص 325. ضبط الدكتور صبحي الصالح 110، راجع أيضاً بحار الأنوار، المجلسي ج 92 ص 99 طبعة طهران. 26- الاتقان ج 4 ص 233 وراجع طبقات ابن سعد ج 2 ص 338، الصواعق المحرقة ابن حجر ص 127. 27- تاريخ الخلفاء ص 166. 28- نقله في الاتقان، السيوطي ج 4 ص 233. 29- ينابيع المودة: القندوزي، ج 1 ص 68 و 69. 30- حلية الأولياء: ج 1 ص 68 ـ دار الكتب العربية، بيروت ط 5. 31- البداية والنهاية: ابن كثير ج 7 ص 359، وراجع تاريخ الخلفاء: السيوطي، ص 171. 32- المصدر السابق: ج 7 ص 373، الصواعق المحرقة: لابن حجر ص 127. 33- الطبقات الكبرى: ابن سعد، ج 3 ص 339 ط 2 دار الكتب العلمية، بيروت / 1408 هجري. |
الدكتور عبد الجبار شرارة - موقع مكتبة الروضة الحيدرية المطهرة
التعليقات (0)