ذكر الشيخ عبدالله الديهي الآية المباركة (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) وقول أمير المؤمنين الإمام علي (ع): "والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته" ، وأسلف قائلا أنه قد مرت حكومات على الأرض تختلف في أساليب حكمها فمنها الديكتاتورية ، والاستبدادية ، والديموقراطية والفوضوية. وأضاف أنه انطلاقا من تلك الأساليب سيقسم الموضوع لأربع نقاط أولاها شرح بسيط للأساليب الأربعة ، أما ثاني النقاط فهي المدخل لمعرفة الأسلوب الذي أقام علي حكمة به ، وأما ثالث النقاط فهو تساؤل عن أي نوع استخدمه علي من الأساليب الأربعة في حكمه ؟ وآخر نقطة البحث إن كان علي عليه السلام كان خائفا يوم صفين فخضع لرأي الأكثرية أم لا.
عرّف الشيخ الأسلوب الديكتاتوري بأن صاحبه يصدر قرارات دون أن يطلع أحد على تلك القرارات ويطبقه بنفسه وغصبا وقهرا على الكل ويستخدم التهديد والقمع ، أما في المستبد فقال الشيخ أن صاحبه يصدر قرارات دون مشاركة أحد وإذا أعلن القرار يعطي للناس حق التعليق فقط دون التغيير ، قبل أن يضيف أنه قيل في الاستبداد من الروايات (من استبد برأيه هلك). والأسلوب الديموقراطي يقوم على قرارات لا مركزية وتوجد فيه مجالس منتخبة وتحل مشاكل الأمة مع أهل الاختصاص وهناك استقلال بين القضاء والتشريع والتنفيذ في هذا الأسلوب. وختم الديهي هذه النقطة بقوله أن الأسلوب الفوضوي خلاف العقل والفطرة وخلاف القرآن والسنة فلا يرتضيه أحد لأن المدير لا إرادة له ولا إرشادات.
أما ثاني النقاط قال فيها أن علي عليه السلام كان حكمه يقوم على أمرين الأول أنه أساليبه تنبثق من تعاليم الإسلام والثاني أنه سلام الله عليه يشخص الموقف فيختار الأسلوب المناسب لمعالجة الموقف ، ثم عدد الشيخ عبدالله مبادئ دولة علي عليه السلام فقال أن أول مبدأ هو العمل بكتاب الله وسنته فكان يكلف الناس على طاقتهم كمبدأ منبثق من الأول وكان يعامل الناس على قدر عقولهم ، وكان يخاطب الناس مع علمه بنفسياتهم ، وأيضا كان علي عليه السلام يخاطب الناس بالقول الحسن واللهجة الصادقة التي تنبئ عن إخلاص قائدها وحرقته عليهم حيث يقول سلام الله عليه (رب قول أبلغ من صول) ، وكان يبين للناس تفاصيل أسلوب حكمه لكي لا يعاقب أحد وهو لا يعلم لم عوقب ، وكان ضامنا للناس العيش الكريم ، وأيضا كان يتعامل مع الناس على أنهم خطائين وهذا يبين من خلال قوله (إن الناس يفرط منهم الزّلل وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحبّ أن يعطيك الله من عفوه وصفحه). وفتح علي أيضا باب الاستشارة في حكمه فقال (مَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الآرَاءِ عَرَفَ مَوَاقِعَ الْخَطَأ).
وفي ثالث النقاط استعرض الشيخ سريعا أساليب الحكم التي عرضها بداية الحديث فاستبعد أن يكون حكم علي عليه السلام فوضويا ، أو دكتاتوريا ، ولم يكن حكمه استبدادياً إلا في بعض الأحيان حيث أن من يشيرون عليه في بعض الأحيان يشيرون عليه بشيء يخالف المصلحة أو يخالف القرآن والسنة ، وإن استبداد علي عليه السلام بالرأي لم يكن فيه خطأ لأنه عليه السلام أعلم الناس وأعرفهم وهو المعصوم ، لكن ولوجود الاستشارة في حكمه عليه السلام فالأقرب كان النظام الديموقراطي.
ونفى الشيخ في رابع النقاط خوف علي عليه السلام من معارضة الأغلبية من القتل ، وأكد ذلك من خلال استعراض مواقف البطولة في حياة علي عليه السلام واستعرض مقولات عدة منها (لألف ضربة بالسيف أهون من موت على فراش) و (اللهم أنت تعلم أني لو أعلم أن رضاك في أن أقذف بنفسي في هذا البحر ، لفعلت. اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن رضاك أن أضع ضبة سيفي في بطني ثم أنحني عليه حتى يخرج من ظهري ، لفعلت) وغيرها الكثير.
التعليقات (0)