شارك هذا الموضوع

الفساد الاقتصادي عند أهل مدين

أشاد الشيخ عبدالله الديهي بأحد المشايخ إذ قال أنه دعا للتدبر في سورة هود لما فيها من أمور يستفيد ويغنى بها الناس ، واختار الدكتور الآيتان اللتان تتكلمان عن الفساد الاقتصادي الذي هو أحد أوجه الفساد في الدولة ، وتلك الآيتان هما قوله تعالى " وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ ﴿84﴾ وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴿85﴾ ". وبعد أن ذكر الشيخ الديهي الآيتين قال أن حديثه في الليالي القادمة سيكون عن أمير المؤمنين ، هل حكومته إلهية أن شورية أم شعبية ، وهل حكم علي كان مستبدا أم ديموقراطيا أم من نوع آخر ؟ وأيضا السؤال الذي يقول هل علي عليه السلام مارس الحكم كحاكم أم كرجل مثالي صديق ؟ وأخيرا السؤال القائل لم لم يطل حكم علي عليه السلام رغم عدله ؟


بعد تلك المقدمة قال الشيخ أن موضوعه هذه الليلة سيدور حول عناوين وهي من هم أهل مدين وأين تقع وما حالتهم الاقتصادية وكيف كان تصرفهم في المعاملة التجارية ولم خصهم الله بالنبي شعيب عليه السلام ، أما العنوان الآخر ففي معالجة الإسلام لهذا الانحراف والفساد الاقتصادي. ثم قال الشيخ أن الآية نزلت في حق أهل مدين التي هي مدينة في الحجاز تقع على حدود الشام وتعتبر ذات موقع استراتيجي اقتصادي لأن القوافل من كل المدن تجتمع هناك ، وأضاف أن أرض مدين كانت خصبة وكان أهلها يملكون المال الوافر وكانت حياتهم رخيصة ومرفهة لأن المنتوجات كثيرة عندهم ، مما مكنهم من التحكم بشروط التجارة ، لذلك عتوا وطغوا فكانوا إذا يشترون ، يشترون بثمن بخس ويزيدون الميزان والمكيال والعكس حين يبيعون ، وهذا النوع من الفساد كان ناتجه أن الله أرسل لهم النبي شعيب الذي يعتبر قويا وبارعا في الإقناع والحوار حيث قال فيه نبينا (ص): (شعيب خطيب الأنبياء). وصورت الآية النبي شعيب بالأخ وهذا يفسر بأنه كان من منطقة مدين ومن سكنتها.


أما في الجانب الآخر وهي الخطوات التي عولجت بها المشكلة فذكرها الشيخ عبدالله الديهي بشكل مرتب معدد فقال أولا ، أنه دعاهم لعبادة الله ، حيث أن الصلاة على سبيل المثال تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذلك علاقة بعلاج الفساد الاقتصادي من جهة أو من أخرى ، ولفت الشيخ لفتة جميلة في هذه النقطة فقال أن الحكام كانوا يحاربون الأنبياء ليس فقط لأنهم لا يريدون الدعوة لتوحيد الله ، بل لأن مصالحهم الشخصية في جمع المال لا تتماشى مع الإسلام ، أما ثاني خطوة في محاربة القضية محاربة مباشرة حيث قال أن الفساد ذاك يتنافى مع الأخوة ويربي الأنانية في النفوس ، أما ثالث خطوة فهي الوعظ والإرشاد لتكون وفق العدل والإنصاف ولذلك قال النبي "ص": (من غشنا فليس منا). ورابع الخطوات هي أن الإسلام عزز في نفوس المسلمين المحبة لإخوانهم ما يحبون لأنفسهم ، وأكمل الشيخ بقية النقاط فقال أنه يجب على الحاكم كما كان أمير المؤمنين (ع) يفعل يقوم بالمراقبة ولا يترك الأمور على حالها ليتصيد المخالفات في المعاملات التجارية ، وبعد أن تتم المراقبة ينزل الأمير العقاب ، وأضاف الشيخ أن الإسلام أمر بالأخلاق في البيع والمعاملة ، وربى في نفوس المسلمين الضمير والإحساس بالمراقبة الإلهية. أما آخر خطوتين فهي الحوار اللطيف مع أولئك الناس من خلال الآية المباركة بداية الحديث (ِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ) والتذكير بالآخرة (َإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ) منهيا بها حديثه.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع