مهد الشيخ عبدالمجيد العصفور لحديثه بالآية الكريمة (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) ثم قال أن الإسلام لا يفرق في التنمية بين الجنسين فكلاهما يمكن له الارتقاء في معارج الشخصية فهو كما يضع الصلاة التي هي معراج المؤمن يضعها للمرأة وكما يحبب الصيام للرجل ويفرضه عليه يفرضه ويحببه عليها وكذلك الحج أو التطوع ويرى أن التكريم والتشريف والتفضيل للرجل أو المرأة ليس بسبب الجنس وإنما بالتقوى فأيهما سبق بالتقوى فهو أفضل ، ثم دلل الشيخ على أن التقوى هو المقياس بالآية المباركة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
وذكر الشيخ بعد ذلك أن الإسلام يقدم نماذج نسائية ويدعو للاقتداء بها وأتى بآيتين من القرآن لتلك النساء فهناك آية تقول (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وآية أخرى تقول (وَمَرْيَم ابْنَة عِمْرَان الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا) وأكد الشيخ العصفور على تلك الأمثلة التي ضربها الإسلام من النساء بقول الرسول (ص): (حسبك من نساء العالمين أربع : آسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد) ، وبين الشيخ أنه يكفي أن تضع هذه النماذج أمامك لكي تتخذ من حياتهم لحياتك الرؤية الصحيحة في التنمية الشخصية.
وتحدث الشيخ عبدالمجيد بعد تلك المقدمات عن السيدة خديجة التي تصادف ليلة العاشر من شهر رمضان المبارك وفيها شهادة السيدة خديجة التي فضل الشيخ عبدالمجيد أن يصفها بالشهيدة لأنها دافعت عن الرسول وعن الإسلام ، ومن المعلوم أنه من قتل دون عرضه أو ماله مات شهيدا ، فكيف بمن ماتت دون رسالتها ، وسرد الشيخ بعدها السيرة المعروفة عن السيدة خديجة حتى وفاتها فقال أن مال السيدة خديجة كان يحرك اقتصاد مكة بل شبه الجزيرة العربية وكان الناس يرغبون بالمتاجرة بأموالها ولها أسطول ضخم في رحلات الشتاء والصيف ، رغم غناها كانت تفتقد لرسالة ومعنى لتكون لحياتها قيمة إلى أن سمعت بالرسول (ص) الذي لم يكن مبعوثا بعد لكن سمعت عنه كلاما راقيا أخلاق عالية وسجايا طيبة ونادر أن يوجد في مجتمع قريش من هو بتلك الصفات فتطلعت ليكون هناك لقاء حتى اقترح أبو طالب على الرسول (ص) أن يضارب بأموال السيدة خديجة فقبل الرسول ذلك ، وخديجة رأت أن الرسول يتشرف معه أي أحد للعمل معه ، وخرج معه ميسرة خادم خديجة لحاجة في نفسها ، ورأى أن النبي محمد ليس كالبقية يكسب الناس بالابتسامة والكلام ويفرض الرغبة على الآخرين في أخذ البضاعة ، وكانت أرباح الرسول أعلى من أرباح الآخرين فازدادت خديجة رغبة في الارتباط برسول الله (ص) ، حيث تقدم لها الوجهاء لكنها امتنعت لأنها لم تكن ترى كفؤ لها ، كما فاطمة ليس لها كفؤ إلا علي (ع) ، ثم ذكر الشيخ روايتين في كيفية تقدم الرسول لخطبة السيدة خديجة فرواية تقول أنها عرضت نفسها على رسول الله (ص) ، ورواية أخرى تقول أنها أبدت الرغبة لصديقة لها اسمها نفيسة فجاءت إما لرسول الله أو عمار بن ياسر وهو صديق الرسول قبل البعثة فقالت يا عمار أليس لصاحبك رغبة في النساء ، وهو كان ينتظر الكفؤ ، - و خديجة كانت تسمى بالطاهرة وهو كان ينتظر الطاهرة - ، قال بلى إنه كفؤ كريم ولعل ما يمنعه قلة ذات اليد ، فأشارت له أن يتقدم لخديجة فما لها من رفض ، فتقدم الرسول لها وقبلت وتزوجا فكان زواجا مباركا ، وخديجة كانت ترى في الرسول مستقبل مشرق حتى نزول الوحي فساندته وأيدت رسالته بل قالت له نفسي ومالي هبة لك ، وقد قام الإسلام على مال خديجة وحماية أبي طالب وسيف علي عليه السلام وصبر محمد صلى الله عليه وآله.
وواصل الشيخ الحديث عن السيدة خديجة فقال أن نساء قريش لم يعجبهم موقف خديجة بالزواج من النبي وعدم الاقتران بالوجهاء ، فقاطعوها وكانت أشد لحظة صعبة عليها لحظة ولادتها للزهراء فقد أرسلت لنساء قريش ليساعدنها فرفضن أن يأتين لها ولكن الله أكرمها فنزلن إليها نساء من الجنة أربع ساعدنها إكراما لها وللزهراء (ع) ، ووقفت مع الرسول تسانده وتؤيده وتشد عضده حتى حاصر قريش النبي وزوجه فحاصروهم في شعب أبي طالب ثلاث سنوات أو أكثر دون أكل ولا بيع ولا شراء ولا تزويج ولا التقاء بالناس ، فأثر ذلك فيها فتوفيت بعد وفاة أبي طالب ، حتى سمى رسول الله ذاك العام بعام الحزن. ولم ينساها الرسول بعد مماتها وكان يذكرها حتى غارت إحدى نساءه منها.
التعليقات (0)