ابتدأ فضيلة الشيخ عبدالمجيد العصفور حديثه لهذه الليلة بالآيات الكريمة من سورة الإنسان " وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا "، تساءل فضيلته ، كيف يستطيع الإنسان أن يطور شخصيته ؟ و ما هو السبيل الى تنمية الشخصيه ، فقد تحدثنا في الليالي الماضيه عن مجموعة من الأفكار التي نسميها الإطار النظري ، في هذه الليلة سنتحدث عن النظام العملي ، لابد أن نقوم بمقارنة عن ما تقدمه نظريات التنمية وعن ما يقدمه الإسلام ونختار ، نظريات التنميه حين تتحدث عن التنمية الشخصيه تعرفها بأنها هي العمليات التي تنتقل بنا من واقع فعلي الى واقع نتطلع اليه ، وهذه العملية هي عبارة عن خطة أو برامج أو اهداف التي ننتقل بها من واقع الى واقع أفضل ، نحن نتخيل هذا الواقع ونضع الخطة للوصول اليه ، ثم طرح فضيلته مثالا على التنمية الإقتصاديه وكيفة وضع خطتها ، اولًا على سبيل المثال ، متوسط الدخل الفردي لأفراد بلد ما ، والأخذ بمتوسط الدخل لا بالأعلى أو الأدنى ، لابد ان يعالجوا هذا الأمر ، و اذا أرادوا قياس نجاح خطتهم ، النظر الى ما سيحدث في السنوات المقبلة كالوصول الى الضعف أو الضعفين ، كيف نصل ؟ بمجموعة من الأهداف والعمليات التي يضعونها أهل هذا البلاد . ثم انتقل سماحته الى التنمية الشخصيه ، فأصحاب النظريات يعتمدون على الشخصيه المستقبليه و تطويرها فيجب وضع رؤية لشخصيتك المستقبلية ، كيف ترى نفسك بعد عدد من السنين ؟ تضع أهداف وبرامج تسمح لك أن تحقق هدفك و مجموعة من الأنشطة .. ما هي الشخصية التي تريد الوصول اليها ؟ فقد نجح أصحاب هذه النظرية فقط في رسم صورة مستقبلبة للشخصية في البعد المهني ، أما بقية الأبعاد فهي مشوشه ، فالإنسان ليس مجرد وظيفه و عمل ، فالإنسان له بعد روحي ، اجتماعي ، فكري و سياسي ، فلابد منا أن نتعظ من الذين نجحوا في الحياة ، كل انسان يستطيع أن يضع رؤيه واهداف وخطه لتنفيذ هذه الرؤية ، بل و حتى في التقرب الى الله تعالى نحتاج لخطة نضعها ، و لابد من اختيار الخيار الأنسب ، قال سبحانه وتعالى " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون " ، ثم أردف قائلًا : الجانب المهني هو أسهل الجوانب ؛ ولكن ماذا عن تعاملي مع أسرتي ، وماذا عن تعاملي مع الواقع الإجتماعي و السياسي ، لابد من نماذج واضحه نضعها امامنا كرؤية ، نظريات التنمية لا تضع صورا واضحه لهذا الجانب ، فهناك فرق بين ما يقدمه الإسلام وما تقدمه هذه النظريات ، الإسلام يمتلك رؤية واضحه جدا و هي العملية التي تنتقل بنا من الواقع الحالي الى الواقع المرغوب فيه فيقدم لنا نماذج على عدة مستويات فبالإمكان البدء من المستوى الأول ، الثاني أو الثالث ، وهنا أكمل فضيلته : من ضمن النماذج التي يقدمها لنا الإسلام وهي أعلى النماذج ، النبي محمد صلى الله عليه و آله وسلم وهو نموذج فعلي على الأرض عاش بين الناس في حياته مع اسرته وجماعته و مارس حياته الإجتماعية و الاقتصادية والعسكرية ، و شهد له جميع الناس بمختلف جنسياتهم و أطيافهم ، فقد أخرج مجتمعه من دياجير الظلمة الى التحضر . " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا " ثم تطرق سماحته الى منزلة أقل قليلًا من رسول الله "ص" قدمها لنا الإسلام وهم أهل البيت عليهم السلام ، من سورة الإنسان " هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ، إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ، إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ، إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا ، إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ، عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا " ثم ينتقل نقلة " يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ، وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا " واختتم سماحته بتقديم هذا النموذج الرائع والناجح الذي يجب أن نتخذ به ، وكل التفاسير والكتب تدل على أن هذه الآيات نزلت في حق أهل البيت عليهم السلام ، فلماذا نقول للمسلمين تعالوا واتبعوا فلان وفلان وعندنا نماذج في الإسلام أولى بأن نقتدي بها ، هذا إذا اردنا أن نتقدم بشخصيتنا الى لأمام .
للإستماع الى المحاضرة صوتيًا : إضغط هنا
لمشاهدة المحاضرة مرئيًا : إضغط هنا
التعليقات (0)