ذكر الشيخ عبد المجيد العصفور في الليلة الثالثة من المجلس الرمضاني في الحسينية قول الله تعالى (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) ثم طرح تساؤلا ليكون مقدمة لموضوعه فقال ، أين موقع التنمية الشخصية في نظريات التنمية وموقعها في نظريات الإسلام ؟ ثم انطلق الشيخ العصفور بقوله أن هناك بصيصا من نور وبعض الدراسات التي من خلال التنمية البشرية بدأت تهتم بالتطوير الذاتي أو ما يسمى بالبرمجة اللغوية العصبية ، لكن حتى اللحظة لا توجد دراسات أكاديمية علمية محكمة تهتم بموضوع التنمية الشخصية ، لكنه استدرك كلامه مبينا أن هناك بعض المعاهد تدعو للتطوير الذاتي أو البرمجة اللغوية العصبية وهي تشهد إقبالا ثم أسلف قائلا لكن على الصعيد العلمي إذا أردت أن تأتي للأبحاث العلمية الدقيقة للتنمية الشخصية فقليل ما تجد ذلك ، وذكر الشيخ عبدالمجيد أن هنالك دراسات واسعة في تطوير الموارد البشرية وهناك فرق بينها وبين التنمية الشخصية ، فالأول تقوم به المؤسسات والوزارات وغيرها لتطوير القوى العاملة ، أما الاهتمام بتطوير شخصية الإنسان كإنسان فرد فهذا لا يوجد به اهتمام كبير ، وهناك دراسات اهتمت بتطوير القيادات أو تحليل الشخصية الإنسانية وألمحت لنماذج من الشخصيات القيادية وما تميزت به من كاريزما لفائدة الناس. أما الإسلام فيرى أن نواة ومرتكز ومحور كل تنمية هي التنمية الشخصية ، فالإنسان لو صلح ينشأ أسرة صالحة وبالتالي ينتج مجتمعا صالحا فبلد صالح ما ينتج حضارة راقية ومتقدمة وقادرة على الاستمرار ، وفي الوقت الذي حمل الإسلام مسؤولية التنمية للقيادات كالنبي (ص) من خلال قوله تعالى (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) ، لم يكتف الإسلام بتحميل التنمية للقادة وإنما حمل كل شخص نفسه تنمية شخصيته فإذا ما تقاعست الدولة مثلا ، فهذا لا يسقط مسؤولية الشخص عن نفسه لتنمية شخصيته ، وصرح الشيخ العصفور أن القرآن يخاطبك أنت أيها الإنسان كما أسلفت الآية في بداية الحديث (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) ، وقد أتى القرآن بسورة كاملة وهي سورة الشمس و افتتحها بالقسم بالشمس -التي لها تأثير على تنمية واقع البشر فلولاها لما استطاع الناس أن يأكلوا أو يمشوا أو تحركت الرياح والسحاب والأمطار، فإشراق الشمس لا يجعل الأرض تتجمد ولو اقتربت من الأرض لاحترقت فحياتنا مربوطة بالشمس - وكما تؤثر الشمس فالنفس تؤثر ولذلك أقسم الله بها بعد أن ذكر تسعة أقسام قبلها ، ثم بين أن من يزكي نفسه وينميها يفلح فلاح الدنيا والآخرة وذكر مثالا على فائدة تزكية النفس ولنا في أمير المؤمنين عليه السلام قدوة وأسوة فتزكيته لنفسه لم تجعل له منزلقا حيث قال علي (ع) : والله ما معاوية بأدهى منّي ، ولكنّه يغدر ويفجر ، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس. وأتى الشيخ بقصة أخرى عن شخص درس في الخارج هذب نفسه وزكاها ونماها ولم يتأثر حتى بوجود إحدى الإناث في شقته التي قد دخلت دون علمه ونامت في سريره وبعدها أدلي الشيخ بنصائح للشباب خاصة والإنسان عامة ، فقال يجب أن يعتمد الشاب على نفسه ولا يتكل على أبيه ، قبل أن يكمل سورة الشمس حيث أن قوم ثمود ذكروا فيها ، حيث أخطأ شخص منهم بقتل الناقة فأشقى أمة ثمود بأكملها ومن هنا تبرز خطورة عدم تزكية النفس.
للإستماع الى المحاضرة صوتيًا : إضغط هنا
لمشاهدة المحاضرة مرئيًا : إضغط هنا
التعليقات (0)