افتتح الشيخ عبدالمجيد العصفور المجلس الرمضاني في الليلة الثانية في حسينية الحاج أحمد بن خميس بقوله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) مستكملا ما بدأه في الليلة السابقة حيث وصل في نتيجة موضوعه ذاك أن الإسلام وضع الإنسان محورا للتطوير والنماء ، وطرح العصفور سؤالا مستفسرا فيه عن ما إذا كان الإسلام متفق مع النظريات التي ذكرها في الليلة السابقة ، وأضاف تساؤلا في رؤية الإسلام لتلك النظريات أهي كاملة أم قاصرة وهل هي في مصلحة الإنسان أم لا ؟ وقال الشيخ أنه سيطرح موضوعه من خلال محورين أولهما نظرة النظريات الاقتصادية التي طرحها سابقا كما أسلفنا للإنسان والأخرى نظرة الإسلام للإنسان. فقال في المحور الأول أن العلماء الغربيين قالوا أن الإنسان إذا رأى أن مشاريع التنمية لصالحه فسيتفاعل معها أما إن رأى أنها لا تتماشى مع مصالحه فسوف يصبح عدوا لها وبالتالي إن تحول الشعور لشعور جماهيري فإنه سيدمر كل تلك التنمية والتطور ، وأيضا قالوا أن هناك عناصر للإنتاج وهي الأصول المادية والمال والأصول البشرية والتنظيم وهي ما تؤدي للإنتاج وكلما كانت هذه العوامل بأفضل صورها كانت النتائج أفضل لكنهم اكتشفوا أن الإنسان هو العامل الأفضل فهو يستطيع أن يدير العناصر الأخرى ، فقالوا يجب أن نعلم الإنسان وندربه ليبدع في إنتاجه ويزيده ، وبرزت نظريتان واحدة تقول أننا يجب أن نهتم بالتعليم الأساسي فقط وأما اليابان فيهتمون بالشخص من أول دراسته إلى أن يتقاعد من عمله. وبذلك نفهم أن فلسفة الغرب قامت على تعظيم الإنتاج من خلال الاهتمام بالإنسان ما يعني أنهم لم يضعوا الإنسان في محور اهتمامهم إلا لمصالحهم ، وعلق الشيخ العصفور أن الإسلام دعم النمو الاقتصادي وكل المفاهيم التي ذكرها سابقا لكنه لا ينظر لكل تلك المفاهيم بنظرة مصلحية واستفادية ، بل وضع الإسلام محور اهتمامه فقدم له خدمة تطوره لمصلحته دنياً وآخرة، ثم أكمل الشيخ عبدالمجيد أن الإنسان مكون من بدن وروح وتنمية الروح أهم من تنمية الجسد ، وهذا ما اهتم به الإسلام وأهمله الغرب ، ومن الطبيعي أن تكون نتيجة إهمال تنمية الروح السقطات الأخلاقية التي تدمر المشاريع ، ولذلك طرح الشيخ مثالين من الغرب ممن سقطوا أخلاقياً فدمروا مشاريع تنموية وأكد على خطأ ذلك بظهور ما يسمى بمؤشر الفساد الذي ظهر لأن الغرب لم يهتم بالروح، ولذلك أيضا نرى حروبا هنا وهناك تهدف بشكل أساسي لصراع من أجل النفوذ ، بينما الإسلام يرى أن الإنسان كائن محترم خُلق الكون لأجله كما دللت الآية في بداية الحديث ، وطرح هنا أيضا مثالا من الإسلام وهو النبي يوسف الذي قال القرآن فيه (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)ما يبين أن الإنسان إذا ما نمت روحه فلا يمكن سقوطه أمام الجاه أو المال أو الجنس أو أي أمور أخرى. وفي نهاية الحديث أشاد الشيخ عبدالمجيد العصفور بالدين الذي وضع حلولا شاملة ومفيدة للبشرية من أول أيامه ، فحرم الربا مثلا لأنه يعلم في نهاية الحال أنه سيؤدي لمشاكل اقتصادية لا يحتمل عقباها، وأسف الشيخ على حال المعاندين الذين يرفضون الاعتراف بأن الإسلام يقدم حلولا ويصرون على أن المال يأتي بكل شيء، وقال الشيخ أن هذا الدين الإسلامي هو ما يجب أن نعض عليه بنواجدنا ويستحق التضحية لأجله ولذلك ضحى إمامنا أبي عبدالله الحسين (ع).
للإستماع الى المحاضرة صوتيًا : إضغط هنا
لمشاهدة المحاضرة مرئيًا : إضغط هنا
التعليقات (0)