افتتح الخطيب الشيخ علي البني حديثه في ليلة السادس من المحرم بقول الباري عز وجل (إنما يخشى الله من عباده العلماء)، وكان محور حديثه حول الرأي الفقهي الصادر من الفقيه هل هو رأي شخصي صدر من رجل تعنون بعنوان الفقاهة أم أنه كاشف لرأي الشارع المقدس ؟ والأمر يختلف بين الإثنين إذ أن الأول لا يوجب الالتزام به، أما الآخر فيلزم الالتزام به وإلا يعتبر الشخص المخالف للحكم الشرعي عاصي في حالة صحة رأي الفقيه أو متجرئ حينما يخالف رأي الفقيه الخاطئ لأنه تجرأ على مخالفة من أقيمت حجيته فهو بذلك انتهك حرمة الدين. وللإجابة على السؤال المطروح بداية وضح الشيخ معنى الحكم الشرعي فقال أن العلماء عرفوه أن التشريع الصادر من الله لتنظيم العلاقة البشرية، ومن هذا التعريف استخلص الشيخ ركيزتين يلزم وجودهما ليسمى الرأي حكما شرعيا، أولا أن يكون صادرا من الله وثانيا أن يصب الحكم في مصلحة المجتمع، ودلل الشيخ على ما سبق برواية مختصرها أن الإمام علي عليه السلام أصدر حكما لأمرأة زنت لمصلحة ابنها الذي كان في بطنها وليس له ذنب بما فعلت أمه، فأخر الإمام إقامة الحد عليها حتى كبر ابنها لأن له حق الحياة.
طرح الشيخ البني بعد ذاك الحديث تساؤلا حول حجية قول الفقيه، فقال أن حجية الفقيه تثبت من أمرين الأول هي روايات أهل البيت عليهم السلام الذين أمروا بأخذ أقوال الفقهاء والرجوع لهم وأخذ معالم الدين والدنيا منهم، واستدل الشيخ علي بروايات منها أنه عن عبدالله بن أبي يعفور ، قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : إنه ليس كل ساعة ألقاك ، ولا يمكن القدوم ، ويجيء الرجل من أصحابنا فيسألني ، وليس عندي كل ما يسألني عنه ، فقال : ما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي ، فانه سمع من أبي ، وكان عنده وجيها، أما الأمر الآخر الذي يؤكد حجية الفقيه هو عدم اعتراض الإمام عليه السلام على رجوع الجهلاء للعالم، وبذلك يعتبر ذلك إمضاء من الإمام مما يفيد بحجية الفقيه.
أما آخر ما تحدث عنه الشيخ البني فهو تساؤل عن اختلاف الفقهاء في آرائهم مع أنهم مرآة كاشفة للشارع المقدس، وقال أن الاختلاف له مناشئ أولها أن هناك عناوين تطرأ على الحكم الشرعي فتغيره، كقباحة الصدق حين يؤدي إلى أذية مؤمن، أما المنشأ الآخر هو الاختلاف في القواعد الفقهية والقواعد الرجالية والقواعد الأصولية التي ولضيق الوقت لمن يبينها ولم يفصل فيها، وربط الشيخ حديثه بصاحب الليلة حبيب بن مظاهر بقوله أن الحسين عليه السلام في رسالته إليه كتب من الحسين بن علي إلى الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر وبذلك يؤكد الإمام ضرورة احترام العلماء.
التعليقات (1)
المهدوي
تاريخ: 2012-11-21 - الوقت: 01:15 مساءًمآجورين والله يعودكم