افتتح الشيخ علي البني كلامه بقول العزيز جل وعلا (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)، فقال بداية أن الله صرح في هذه الآية بأنه جل وعلا كرم بني آدم، ثم ألفت الشيخ الحضور للتعبير القرآني فما قال كرمنا المؤمنين أو المسلمين بل قال بني آدم، فالتكريم لبني آدم إنما تم تكريمه لأنه آدمي لا لصفتي الإيمان ولا الإسلام، وإذا ما تم التسليم بهذا الأمر نصل لتعارض مع أمرين أساسين كما وضح الشيخ، الأول أنه لو نظرنا للبشر بنظرة وجدانية نرى أنهم يعيشون الذل والهوان وهذا تعارض مع الآية. أما المعارض الثاني للآية فهو عبارة عن عنوان الغيبة التي تحرم على المؤمن، وبذلك يتنافى تكريم بني آدم الغير مؤمنين حيث تجوز غيبته. وقال الشيخ لحل المعارضتين لا بد لنا من أن نعرف المراد من الكرامة الإلهية، وهل يمكن اعتبار هذه الكرامة أصلا تشريعيا موضوعيا أم لا؟
المراد من الكرامة اختلف فيه علماء التفسير فاختار الشيخ رأيين من آرائهم، الرأي الأول قال أن التكريم جاء من جهة النطق والتمييز، وأما الرأي الآخر فيرد على الرأي الأول بأن السفيه لا يميز لكنه مكرم والأخرس لا ينطق وهو مكرم أيضا فيقول أصحاب هذا الرأي أن الكرامة إنما هي العقل التي يتكامل به ويمكنه من الوصول لمرتبة أكبر من الملائكة لو استطاع أن يحكم شهوته بعقله، مثلما كان أصحاب الكهف الذين آمنوا بربهم فزادهم ربهم هدى، فكانت حاكمية العقل عندهم أفضل من الملائكة، وهنا طرح الشيخ إشكالية أخرى فقال لو أن شخصا لديه عقل لكنه يعيش حياة مذلة ورد من كلام الأئمة عليهم السلام "أن العقل ما عبد الرحمن وافتتح به الجنان"، وهذا يعني لو أنني رأيت إنسانا حتى ولو رأيت ظاهره ذل وهوان لكنني وجدته في عز الليل يعبد الله بخشوع فهنا نصفه بالشخص المكرم.
ثم انتقل الشيخ لمحوره الثاني وهو السؤال الذي يقول "هل يمكن اعتبار هذه الكرامة أصلا تشريعيا موضوعيا ؟ "، فوضح السؤال أولا فقال هل من الممكن اعتبار الآية المباركة أصلا تشريعي بحيث لو تعارض شيء مع الآية نرفضه، فمثلا هل يمكن رفض جواز غيبة الغير مؤمن على اعتبار أنها تتعارض مع الآية الكريمة السابقة ؟ ورد الشيخ أن الآية أصلها تكويني من أصل العقل وليس تشريعي، فهي تشمل كل آدمي فلا يمكن جعلها أصل تشريعي وحرمة الغيبة إنما جاءت من بحث آخر، جاءت من (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، فحرمة غيبة المؤمن جاءت من جهة تقاة المؤمن، لا من جهة الآدمية، والحسين عليه السلام ضرب لنا مثالا في تكريم أعدائه من جهة أنهم آدميين حين التقى بجيش الحر الذين كانوا عطاشى فسقاهم الحسين عليه السلام رغم أنهم أعدائه وأرادوا منعه من مواصلة سيره.
التعليقات (2)
المهدوي
تاريخ: 2012-11-20 - الوقت: 12:34 مساءًمآجورين والله يعودكم
زعلان
تاريخ: 2012-11-20 - الوقت: 03:33 مساءًليييييش مو مخليييييييين صورتي