لأن السابع من عشر من شهر رمضان يصادف يوم غزوة بدر الكبرى، تحدث الشيخ عبدالله الديهي عنها وطرح قول الله تعالى (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وقول النبي الأكرم (ص):"اللَّهُمَّ هذه قريشٌ جاءت بفَخْرِها وخُيَلائِها وخَيْلِها تُحادُّك وتكذّبُ رسولَك، اللَّهُمَّ نَصْركَ الَّذِي وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ انْجِزْ لي ما وعدتنِي، اللَّهُمَّ إني أنْشُدُك عَهْدَك ووَعْدَك، اللَّهُمَّ إنْ شئتَ لم تُعْبَدْ، اللَّهُمَّ إنْ تَهْلِكْ هذه العِصَابَةُ اليومَ لا تُعْبَد"، وقسم حديثه لثلاثة مضامين:
المضمون الأول: تقرير المصير هو من جملة الحقوق لكل شعب وأمة وقد كفلته لها الشرائع السماوية، وطرح الشيخ عبدالله تساؤلا عن عزوة بدر ومدى مشروعيتها وهل يمكن اعتبارها تقريرا للمصير ؟ وأجاب على ذاك بقوله أن الحكومة لها وظيفة وهي توحيد الأمة تحت مظلة واحدة تحكمها القوانين وتشرع الحقوق والواجبات لكل فرد فيها، والنبي (ص) جاء للأمة العربية في وقت كانوا فيه مقسمين لقسمين على حد قول الشيخ عبدالله الديهي، فبعضها دول بلا حكومات، بل قبائل تتقاتل فيما بينها ولا يوجد من يحفظ الأمن أو ينتصر للمظلوم ومن هذه الفئة منطقة الحجاز ونجد وتهامة، وكانوا لا يفكرون في التغيير أو مسمى الدولة، إلا قليل منهم كأبي طالب الذي قال أن الجزيرة ونجد وتهامة تحتاج لمنظومة يكون فيها حاكم واحد ودين واحد، فتستحق هذه الأمة أن تكون بدولة ولا تكون متشرذمة، أما الفريق الآخر من العرب تحكمه دول أجنبية كالعراق التي تحكمها الأكاسرة وسوريا التي تحكمها الروم واليمن التي تحكمها الأحباش، وهؤلاء أيضا يستحقون تقرير مصيرهم برفضهم العيش تحت ظل هؤلاء. وقد أنقذ الله الفريقين ببعثه لمحمد (ص) وهذا ما تشير إليه فاطمة عليها السلام إذ تقول:"لقد أنجاكم الله بأبي". وأضاف في نفس المضمون السؤال الآخر وهو كيف يستطيع النبي تكوين الدولة التي يريدها الله التي تكون من الشعب وللشعب ويتساوى فيها الحاكم والمحكوم بل ويتآخون وأن لا يراعى القوي لقوته ويضام الضعيف لضعفه وحوله من العقبات الكثير، والإجابة أن هناك طريقين الأول بتدخل من الله عز وجل، وهي طريقة غير صحيحة لأنه يخالف أمرين حيث أن الله أبى إلا أن ينيط الأمور إلا بأسبابها وأيضا هو عز وجل خلق الناس للابتلاء وبتدخله جل وعلا يبطل الثواب والعقاب. أما الطريق الصحيح فهو بطريق الأقلية النوعية الذين أعدهم الله لتحرير الناس وعلى رأسهم النبي وعلي عليهما السلام.
المضمون الثاني: بيان الخطوط الدفاعية والهجومية ونتائج المعركة وتوضيح أسباب اعتبار المعركة مصيرية، وقال الشيخ في هذه النقطة أن الخطوط ثلاثة أولها النبي (ص) الذي كان مدافها ومهاجما حيث إذا حمي الوطيس يلوذ المسلمون به (ص) كما قال علي (ع)، أما الخط الثاني فخط الهاشميين المقربين وعلى رأسهم علي وحمزة والعباس عليهم السلام الذين وظيفتهم فتح الطريق لرسول الله والثبات في حال احتدام المعركة.والخط الثالث خط بقية المسلمين، ومن بعد هذه المعركة تثبتت أركان الدولة وأصبحت مرهوبة ما أهلها لتصبح حربا مصيرية.
المضمون الثالث: ذكر الشيخ الديهي مجموعة دروس من معركة بدر التي عبر عنها القرآن بالفرقان التي فرقت بين الحق والباطل وبين الشرك والإسلام، أولها أن النصر من الله لكن بمقدمات، وثاني الدروس تأكيد استمرار الصراع بين أحفاد أبي سفيان وبين أحفاد الرسول (ص)، أما الثالث فهو انتصار للمعنويات على الماديات، فكثرة بعير المشركين لم تفدهم ولم ينتصروا على المسلمين، والدرس الرابع أن النصر لا يقدم على طبق من فضة بل يحتاج عوامل أولها وجود القيادة الحكيمة الشجاعة الثابتة، وثانيها وجوب الطاعة للقيادة، أما العامل الثالث فهو الإيمان بأن المصير واحد إما النصر أو الشهادة، وعوامل عدة كوحدة الكلمة والبذل والعطاء النفسي والجود بالنفس.
التعليقات (0)