عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: واعبد الله على قدر حاجتك إليه، واعص الله على قدر تحملك لنار جهنم، واعمل للدنيا على قدر بقائها واعمل للآخرة على قدر دوامها، بالحديث السابق افتتح الشيخ حسن عيسى موضوعه وانطلق لعدة نقاط، أولها تخص العبارة الأولى في قول علي عليه السلام "اعبد الله على قدر حاجتك إليه"، فقال أن الإمام يخاطب النفس البشرية التي تدرك عجزها وضعفها أمام كوارث الدنيا وصعوباتها رغم ثرائه ووجاهته ورئاسته لدول وغيرها، حيث يقف الإنسان عاجزا في كثير من المواقف، ما يوجب على الإنسان تحسس ضعفه والشعور بإدراك الحاجة لمنبع العلل والفيض والغني غنى ذاتيا وهو الله عز وجل، فالإنسان محتاج لله عز وجل في كل نفس بدليل من القرآن ذكره الشيخ حسن وهي الآية الكريمة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ). بعكس ما يقوله البعض أن الحاجة لله تكمن في إيجاد الإنسان فقط.
بعد انتهاءه من العبارة الأولى انتقل للعبارة الثانية من قول أمير المؤمنين "واعص الله على قدر تحملك لنار جهنم"، فقال أن الله يخاطب النفس التي يتصارع فيها قوتين شيطانية ورحمانية، ويحذر الإمام الإنسان من الوقوع في المعصية لكي يأمن عذاب جهنم، وعليه تصور القدر الذي يتحمله لتكون معصيته على قدر تحمله. وأضاف الشيخ أن عدم الشعور بالخوف والرقاية يؤديان بالإنسان لاقتحام المعصية، ولا بديل عن العقاب إلا التوبة التي هي رحمة من الله تعالى. وذكر الشيخ رواية تبين عظم النار، حيث روى الصدوق ، باسناده عن مولانا الصادق عليه السلام ، قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم قاعدا اذ اتاه جبرئيل وهو كئيب حزين متغير اللون فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا جبرئيل ما لي اراك كئيبا حزينا ؟ فقال : يا محمد فكيف لا اكون كذلك وانما وُضعت منافيخ جهنم اليوم . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : وما منافيخ جهنم يا جبرئيل ؟ فقال : ان الله تعالى امر بالنار فاوقد عليها الف عام حتى احمرت ، ثم امر بها فاوقد عليها الف عام حتى ابيضت ثم امر بها فاوقد عليها الف عام حتى اسودت وهي سوداء مظلمة . فلو ان حلقة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وُضعت على الدنيا ، لذابت الدنيا من حرها ولو ان قطرة من الزقوم والضريع قطرت في شراب اهل الدنيا لماتوا من نتنها . قال : فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبكى جبرئيل فبعث الله اليهما ملكا ، فقال : ان ربكما يقراكما السلام ويقول : اني امنتكما من ان تذنبا ذنبا اعذبكما عليه.
أما عن العبارتين الأخيرتين في الحديث "واعمل للدنيا على قدر بقائها واعمل للآخرة على قدر دوامها" فقال الشيخ أن الإنسان العاقل هو الذي يؤجل اللذة الحسية ليتحصل على اللذة العقلية، فاللذة الحسية لذة محدودة ولذلك يقول علماء الأخلاق أن الدنيا لو تتأمل فيها بشكل صحيح تراها دفعا للألم لا كسبا للملذات، حيث أن الجوع هو نوع من الألم ويكون إشباع البدن هو دفع لهذا الألم، وذكر الشيخ الآية الكريمة (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ)، أما لذة الآخرة العقلية فهي غير محدودة وهي ما يجب أن يسعى الإنسان نحوها.
التعليقات (0)