كان حديث الشيخ حسن المرزوق هذه الليلة (الثامنة من شهر رمضان) عن الأسرة، وعليه افتتح كلامه بالآية المباركة (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير)، وانطلق منها لعدة نقاط تحيط المحور الأسري، وقال الشيخ حسن أن بناء الأسرة من أهم الأهداف والغايات التي أوصى واهتم بها الإسلام، فكثير من الآيات والأحاديث تشجع على تكوين الأسرة والتزويج، وكذلك لم تهمل تلك الآيات والأحاديث الإشارات والعوامل والسلوكات التي تبني الأسرة البناء الصحيح والأسباب وتقويها فتجعلها تماسكة مترابطة منسجمة تخدم الإنسانية في مسيرتها، وعلى النقيض أيضا ذكرت الروايات والآيات أسباب التفكك الأسري.
وقد أوضح الشيخ سبب نزول الآية التي افتتح بها حديثه لأنها وبحسب تعبيره منطلق جيد ولأنها آية جديرة بالتعرف على سبب نزولها لما فيها من عبرة، فالآية نزلت في إمرأة هي زوجة أوس بن الصامت، اختلفت هي وزوجها فظاهرها زوجها -أي قال لها أنت علي كظهر أمي- مما يحرمها عليه وعلى غيره، فلما حدثت هذه الحادثة أمر أوس زوجته بالذهاب للرسول ومخاطبته لحل المشكلة التي وقع فيها بسبب غضبه، فما كان منها إلا التوجه للنبي محمد (ص) لكنه قال لها أنه لم ينزل عليه شيء بشأن الظهار حتى اللحظة، لكنها أصرت وجادلت الرسول على أن يجد لها حلا، فبذلك استحقت أن تنزل فيها آية لجهودها ومحاولتها إعادة بناء أسرتها وسعيها لعدم تفككها، ولما نزلت الآيات التي تخص الظهار استدعى النبي أوسا فأخبره بالحل من القرآن الكريم (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ الَّلائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ.وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
ومن القضية السابقة أوصل الشيخ معلومة مفادها أن الحفاظ على كيان الأسرة لهو مهم، ثم عدد الشيخ المرزوق بعد العوامل التي تبني الأسرة من الآيات والروايات، فقال أنه لا بد من حسن اختيار الزوجين لبعضهما البعض، وذلك بالنظر للكفاءتين النفسية الدينية والكفاءة الاقتصادية، ونهى الشيخ عن العلاقات السابقة على الزواج التي تتم في فترة المراهقة لأنها تؤدي في معظم الأحيان لزواج فاشل، واستدل على هذا العامل بحديث للنبي عن الاختيار، حيث قال (ص): (لا تزوجوهن لمالهن فعسى مالهن أن يطغيهن ولا تزوجوهن لجمالهن فعسى جمالهن أن يرديهن) ورواية عن الحسن عليه السلام حيث سأل رجُل الحسن: مَن أُزوِّج ابنتي؟ فقال: زوِّجْها التَّقيَّ؛ فإنَّه إن أحبَّها أكْرمَها, وإن كرِهها لم يُهنْها. أما العامل الثاني الذي ذكره الشيخ حسن فهو التفقه في الأمور الأسرية، والثالث هو الثراء الروحي أي التجمل والتعطر والتزين للمرأة واستدل بالآية الكريمة (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، أما الأمر الرابع فهو الجلوس مع الأسرة وذكر حديثا للنبي أنه عنه (ص) قال (إن جلوس المرء مع عياله أحب إلى الله من اعتكاف في مسجدي هذا) أما العامل الأخير فهو كتمان الأسرار الزوجية.
التعليقات (0)