افتتح الشيخ حسن عيسى حديثه بالآية الكريمة(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وانطلق من الآية لثلاث محاور الأول: تعريف للرحمة، فقال أن الرحمة من الله على قسمين عامة وخاصة، ولذلك نرى اقتران الرحمن بالرحيم دائما فما الفرق بين الاسمين؟ وأجاب الشيخ الستري أن الرحمن تشير للرحمة الرحمانية المطلقة التي وسعت كل شيء، فنعمة الوجود لجميع المخلوقات رحمة لكل مخلوق، فالخروج من العدم لدائرة الوجود هي رحمة، ثم يتميز الإنسان بأنه خليفة الله على الأرض فهو المعني ببنائها والحفاظ عليها، وأما كلمة الرحيم فذكر الشيخ حسن أن هناك رحمة رحيمية خاصة اختص بها المتقون.
والمحور الثاني دار حول كلمة العالمين التي ذكرت في القرآن في مواضع عدة ويقصد بها في بعض الأحيان مجتمع معين في زمن معين وتارة أخرى يقصد بها أن العالمين هم الأولين والآخرين، كما في الآية المباركة "الحمد لله رب العالمين". فأما الآية السابق ذكرها فإنها يقصد بها الأولين والآخرين وأن النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام هم الرحمة، فما الإثبات على أنهم رحمة للعالمين، وأجاب الشيخ الستري أنه لابد من إثارة نقطتين للإجابة على السؤال، الأولى هي هدف الخلق الذي هو الوصول للكمال وهذا يكون من خلال معرفة الله وهذا يكون من خلال التأمل في مخلوقاته. أما النقطة الأخرى هي أن مخلوقات الله خلقت لتوصل إلى معبودها فكلما وجد إنسان أكمل كلما حقق هدف الوجود بشكل أكمل فكان رحمة، لأن المخلوقات تقول بلسان حالها أن هذا الإنسان هو الذي استفاد من وجودنا فوصل إلى الخالق من خلالي، ومن هو هذا الإنسان غير محمد وآله؟ ولذلك قال عز وجل "يا مَلائِكَتي وَيا سُكَّانَ سَماواتي إِنّي ما خَلَقتُ سَماءً مَبنَّيةً وَلا أرضاً مَدحيَّةً وَلا قَمَراً مُنيراً وَلا شَمساً مُضيِئةً وَلا فَلَكاً يَدُورُ وَلا بَحراً يَجري وَلا فُلكاً يَسري إِلاّفي مَحَبَّةِ هؤُلاءِ الخَمسَةِ الَّذينَ هُم تَحتَ الكِساء" في حديث الكساء. وهنا تطرح إثارة تقول أن كل البشر يستفيدون من ما خلق الله، فكيف يكون الخلق من أجلهم فقط!
وهنا قال الشيخ أن هناك هدفين من الخلق أحدهما مادي كدفء الشمس الذي يستفيد منه الجميع وهناك هدف آخر للمخلوقات وهو إيصال المخلوق لمعرفة سلطنة الخالق، فمن استفاد أكثر نحن أم آل محمد عليهم السلام.
أما آخر محور فهي عبارة عن شبهة وهي، كيف يقال بأن النبي ورسالته رحمة، بينما عندما نقرأ القرآن نرى القطع والجلد والرجم وغيرها من الأمور، ورد الستري على هذه الشبهة بأن هناك فرق بين رحمتين، فعلية وانفعالية، أما الرحمة الانفعالية كانفعال الإنسان مع المشاهد التي حوله، وطرح مثالا لو أننا نرى أحدا يقتل أمامنا نتأثر ونستشعر الرحمة، أما الرحمة الفعلية، فضرب عليها الشيخ مثالا واضحا يبينها، فمثلا لو أصاب أحد الناس مرض استلزم قطع عضو من أعضاءه، لكان القطع رحمة فعلية له لكي لا ينتشر المرض، وكذلك أحكام الإسلام.
كما يمكنكم مشاهدة فيديو المحاضرة عبر هذا الرابط
التعليقات (0)