ابتدأ المجلس الحسيني للشيخ علي البني في ليلة التاسع من شهر محرم الحرام بالآية الكريمة "ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون" وتركز موضوعه حول مفردة الرشد أو الراشدين من التي هي من العناوين التي أكد عليها القرآن في مواضع عدة، وشدد الشيخ على أنه لابد من الوقوف على بعض من الموارد التي تحدث فيها القرآن عن الرشد وبأي سياق ساقها.
فالمورد الأول الذي ذكره الشيخ كان في الآية المشرفة "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" التي احتوت في نهايتها كلمة يرشدون، وهنا الآية تريد من الإنسان أن يعرف حقيقة إلهية وهي القرب الإلهي على حد قول دعاء الميزان. فيتأكد العبد أن الله قريب منه ولا يوجد ما يحول بينه وبين الدعاء، ومورد نزولها أن جماعة جاؤوا للرسول يسألوه عن الله أهو قريب فنناديه أم هو بعيد فنناجيه فجاء قول الله عز وجل السابق ذكره. ولكن طرح الشيخ تساؤلا عن سبب جر كلمة الرشد لهذه الآية، والهدف هو إيصال أن القرب الإلهي هو حقيقة الفطرة الإلهية. وعزز الشيخ البني ما سبق برواية عن أحد الأئمة يشرح معنى يرشدون حيث يقول أنها إصابة الحق والهداية إلى الحق.
أما المورد الآخر الذي وردت فيه كلمة الرشد فهي "وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ" وتسائل الشيخ مرة أخرى عن منع إعطاء المال لليتيم إلا في حال رشده وأجاب أن معنى الرشد هنا أنه يملك عقلا ويعرف كيف يصلح في المال، فربما يكون سفيها فيضيع المال. ثم تطرق الشيخ لأهمية الرشد بنطاق أوسع من خلال الآية المباركة في مقدمة الحديث التي تحدثت عن رشد أوسع من الرشد في كلا من الآيتين السابقتين فالحديث هنا عن الرشد الديني والإسلامي.
والمجتمع الراشد يبنى على ثلاث ركائز أولاها هي حب المبدأ الديني، أما الركيزة الأخرى فهي الوعي بالمبدأ، أما آخر ركيزة فهي أنهم ابتعدوا عن الفسوق والعصيان فكانوا ينفرون منها وليس هذا النفور تشريعيا بل هو نفور تكويني. ثم ذيل الشيخ حديثه بتعريف الإسلام السطحي الذي هو نقيض الإسلام الرشدي فالمسلم سطحيا يهتم بالإسلام الجزئي ويترك قيمته العالية وهو أيضا يختصر الإسلام بقيمة أو اثنتين ومصطلح أو مصطلحين كاللعن والترضي مثلا، أما آخر شي فهو تمييع القيم الراقية باسم الإسلام، مثلا تمييع والتقليل من أهمية مزاحمة العلماء.
التعليقات (0)