تحدث الشيخ علي البني في ليلة الخامس من شهر محرم للعام 1433هـ عن الوحدة الإسلامية والتعايش السلمي، وقال أن هناك جماعات تكفر طوائفا، ومعنى وجود مثل هذه الفتاوى التكفيرية أن الدم مراق ويجوز سفكه. وقد قسم الشيخ علي موضوعه وكعادته لمحورين، بحث في الأول منشأ الفتاوى التي تصدر من أجل تكفير طائفة، أما في الآخر فبحث في موقف مدرسة التشيع من الفتاوى.
إذا قبلنا بالفتاوى التكفيرية فإنها تتعارض وقاعدة فقهية مقبولة عند عموم المسلمين، ولا يمكن قبول ذلك لأن الأدلة الفقهية أدلة قطعية ولا يمكن رفع اليد عنها إلا بدليل قطعي آخر، العبارة التي سبقت هي أول عبارة للرد على المحور الأول بأدلة عدة ذكرها الشيخ البني:
أولا الدليل القرآني:
[وقالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا] هذه الآية التي استعان بها الشيخ في موضوعه قال أنها تتحدث عن مرتبتي الإسلام والإيمان و الله يرد على الأعراب فينفي عنهم مرتبة الإيمان ويثبت لهم الإسلام و هذا معناه أن كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن. ثم طرح الشيخ تساؤلا مفاده، ما هو الإسلام الذي يقبله الإسلام؟ فذكر رواية تقول أن سماعة دخل على الصادق فسأله يا ابن رسول الله الإيمان والإسلام أهما مختلفان ؟ فرد الإمام عليه:الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان، فأضاف سمعة: يا ابن رسول الله فصفهما لي؟ فرد الإمام أن الإسلام أشهادة أن لا إله إلا الله والتصديق برسول الله محمد به حقنت الدماء، وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس.
الدليل الروائي من الحديث:
لما قبل الإسلام بالشهادتين كحد من حدود الإسلام وسع الدائرة بقبوله التلفظ بالشهادتين حتى لو كان تلفظا شفهيا فقط. كما في الآية الكريمة [ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون وجه الحياة الدنيا]. ومن كتب السنة ذكر الشيخ البني رواية أن النبي بعث بسرية قائدها: يقول لما كنت أمشي في طريقي مررت على مجموعة من الكفار ، أحدهم قال كلمة الإسلام لكني قتلته فلما عدت قال للرسول لي مستنكرا: قال لا إله الله وقتلته، فرددت عليه: قالها خوفا من السلاح. قال النبي محمد (ص): أفلا شققت عن قلبه. ويقول الصحابي "فما زال الرسول يرددها علي لدرجة أني تمنيت ليتني دخلت الإسلام لتوي ولا أسلمت من قبل وقتلت أحدا نطق بالشهادة".
إذن منشأ الفتاوى ليس له أصل وإنما تسمى فتوى تسامحا، وفي رده على سؤال المحور الآخر صرح الشيخ أن مذهب أهل البيت أكد على التعايش السلمي وذكر مثالا حكومة علي (ع) فرغم أن الخوارج كانوا يعادونه إلا أنه سلام الله عليه قال: "لن نقاتلكم ما لم تشهروا علينا سيفا". ما يوصلنا لنتيجة أن أهل البيت هم أول من دعوا للتعايش السلمي والتسامح من أجل حفظ الدم وصلاح الأمة.
التعليقات (0)